أمين شرطة

آحمد صبحي منصور Ýí 2015-12-20


جاءتنى هذه الرسالة قد تكون خيالية أو قصة سينمائية ، ولكن الواقع المصرى ليس بعيدا عنها . أنا شخصيا أصدقها . عموما أنقلها بعد التنقيح وحذف العبارات غير اللائقة ، وأعلق عليها .

يقول صاحب الرسالة :

( يمكن دى يا استاذ اول مرة اكتب فيها رسالة عشان كده لو سمحت تصحح الكلام بتاعى . أنا من شهر بأقرا فى الموقع بتاعك وأنا فى حالة نفسية زفت وحاحكى لك . أهلى ناس على قدهم . أمى ماتت وأنا عيّل صغير ، وابويا ما صدق واتجوز وخلّف نص دستة أولاد وبنات ، وأنا ضعت بينهم وبقيت على الهامش بعد ما كنت الكل فى الكل . كنت بأمثل انى مريض عشان أبويا يبصّ لىّ ويفتكرنى ويعطف علىّ ومفيش فايدة . الولية مراته واكله عقله وعياله واكلين عقله ، وأنا مش فى الحسبة خالص. لقيت حياتى بره البيت مع عيال صايعين وما نفعتش فى التعليم ، ومن الآخر بقيت أمين شرطة .وعشان عشت محروم من الأب والأم وأكره كل الناس حبيت شغلتى اللى إدتنى السيطرة على الناس واذية الناس . وحطيت فى دماغى من الأول أكون خدام الباشا اللى باشتغل معاه ، وأكسبه عشان أحمى نفسى مهما عملت . وأول واحد كان ( الباشا الصغير ) ، وده كان استاذ فى أذية الناس ، وعن طريقه وصلنى للرتبة اللى أعلى منه ن وهو الباشا ( الكبير ) ، وده كان راجل بمزاجه ، قلبه طيب ويموت فى الفرفشة ، وكان برضه استاذ فى أذية الناس ، وتعلمت منه إنه ممكن تكون ما بتحبش تعذب خلق الله بس لازم تبقى بشع عشان الناس تخاف منك ولما الناس تخاف تقدر تاخد منهم اللى انت عايزه .  ده اللى اتعلمته من الباشا ( الكبير ) وده كان بيحط سجادة الصلاة فى مكتبه بس فى شغله ما عندوش يا أمه ارحمينى . وفيه ناس كتير من الساده الباشوات بيصلوا وبيحجوا بس لازم تكون ليهم هيبة يعنى موضوع اكل عيش مش أكتر . انا كنت تلميذ شاطر وكتوم . عشان كده كنت فى خدمة الباشا ( لكبير )، يؤمرنى أأدب فلان يطلع فلان من تحت ايدى على المستشفى وساعات على المشرحة . بقيت متخصص فى التعذيب ، وبقيت أنسجم منه ، وأحس ان أنا سلطان زمانى والأفندى من دول بيبوس جزمتى وبيصرخ وأنا بألعن سنسفيل ابوه واللى جابوه . وجابوا اسمى فى قضايا ونقلونى من مكان لمكان ، وكل ما أروح تسبقنى شهرتى ، وآخد شقة وعشيقة . كان الموضوه سهل . البنت اللى أقدر أغتصبها أصورها وأهددها ، وتبقى تحت أمرى بعدها . لغاية ما جات لى واحدة حلوة وباين عليها من عيلة ، دخلت على تعيط وتترجانى أشوف ابوها خدوه على فين . كان إتقبض عليه فى موضوع سياسى ، ومرّ تحت ايدى ، وبعد ماظبّطته وعملت عليه حفلة تمام التمام إعترف بالمطلوب ونقلوه . الحقيقة البنت عجبتنى وقلت أعمل فيها شهم وأساعدها . وخليتها تقابل أبوها ، وبعدين عرفت إنه مات فى السجن . واتصلت بيها أعزيها ،ولقيتها منهارة . قلت أمثّل الشهامة للآخر ، رحت زرتها ، ولقيتها وهى منهارة بترمى نفسها علىّ . كانت وحيدة وأهلها خايفين يتصلوا بيها عشان قضية أبوها واللى حصل له . كانت وحيدة ومنهارة . ولأول مرة احس بالشفقة على بنى آدم . كانت صورتى عندها انى راجل شهم . وباختصار تجوزتها . كان الفرق كبير بينى وبينها هى متعلمة وجامعية ومن وسط محترم ومؤدبة ، وأنا بصراحة ولا حاجة . بس بصراحة برضه ما اعرفتش اتمتع بيها فى المنام . دى بنت عايزة واحد زى عبد الحليم حافظ رقيق وناعم ، وأنا غير كده ، أنا أدمنت الاغتصاب والجنس عندى ضرب وتعذيب عشان آخد مزاجى  . غير كده يبقى الموضوع زى الميه الساقعة . زهقت منها وضربتها علقة عشان اتمتع بيها ، ودى كانت النهاية . سابت البيت صممت على الطلاق ، وطلقتها . وسابت المدينة وانقطعت علاقتى بيها ، وعرفت انها ولدت لى ولد وسمته على إسم ابوها . وأنا كمان نقلونى بسبب الشكاوى ، وودونى فى الصعيد الجوانى ، وقعت فى عرض الباشا ( الكبير ) واترجيته بلاش الصعيد . طلب منى تنفيذ النقل ، وبعدين ينقلنى القاهرة لأنه عايز خبراتى . واتنقلت للقاهرة وبقيت الخدام الخصوصى بتاع الباشا (الكبير )، أجهز له السهرات التمام بالرقاصات والحشيش فى شقة اشتراها مخصوص للمزاج . والباشا عشان الاحتياط كتبها باسمى  ، وبقيت عايش فيها . وفى ليلة العيد الباشا الكبير تقّل من الشرب وجات له سكتة قلبية . إتصلت بالباشا ( الصغير ) ونقلناه المستشفى وكتمنا الخبر عن مراته وأولاده ، وقلنا ارهاق من الشغل . ويومين ومات الباشا ( الكبير ) ، وبقيت أنا صاحب الشقة الفخمة ، واللى فيها كمان مجوهرات و فلوس كاش كان الباشا مخبيهم فيها بمعرفتى . بالمناسبة أنا أبويا مات ، وعرفت بموته وما إهتممتش بالموضوع ، وبعدين فكرت وقلت دى فرصة أوريهم أنا بقيت إيه . أعلنت وفاة ابويا ، ورحت العزا ومعايا ناس محترمة فى خمس ست عربيات . وبقت مظاهرة عرفوا بيها مين أنا . وما دخلتش اشوف مراة ابويا ولا تكلمت مع ولادها الستة كلمة واحدة . والظاهر ان الباشا ( الصغير )  حكى لمرات المرحوم الباشا ( الكبير ) بحكاية الشقة والمجوهرات والفلوس اللى فيها . جت تطلب حقها وحق اولادها . هددتها بفضح المرحوم وقلت لها اننى مسجل سهراته مع البنات والأولاد . الست كانت محترمة سابتنى وهى بتدعى علىّ وعلى اللى خلفونى . لكن الوضع بعدها إتغير مع الباشا ( الصغير ) هددنى وطلب ياخد النص ففتى ففتى فى الشقة واللى فيها ، وإلا يودينى ورا الشمس .  أنا كمان هددته ان أنا مسجل له فضايح وحاططها فى مكان أمين ، ولو حصل لى حاجة حينفضحوا كلهم . وصلنا لاتفاق جنتلمان ، ونقلونى بعيد عن الشرطة فى مصلحة الجوازات .وبقيت موظف على مكتب ، والمرتب حاجة تكسف بعد الهنا اللى كنت فيه . بس عشت عشر سنين فى هدوء .. لغاية ما خبطت على بابى مراتى القديمة بعد عشرين سنة من الطلاق . سبحان الله بقت عجوزة وما عرفتهاش من أول مرة . كانت برضه منهارة . وقالت لى أنهم قبضوا على ابنها قصدى ابنى اللى عمرى ما شفته . هديتها ودخلتها جوه الشقة ، ورتنى صورة ابنى . سبحان الله شبهى تمام . ولقيت نفسى بأعيط ونزلت ابوس ايدها وارجوها تسامحنى . رحت للباشا اللى كان صغير وبقى حاجة كبيرة اترجيته وبُست ايده ، طردنى وعرفت منه انهم قبضوا على ابنى عشان يذلونى . ونزلت مع أم ابنى  أدور على ابنى . كان إتقبض عليها ضمن شباب الاخوان . ولقيت نفسى ضمن آلاف الغلابة اللى بيدورا على اولادهم من قسم الى قسم ومن مستشفى الى سجن . وفى الآخر عرفت مكانه . دخلت وحدى ولقيته متعلق على العروسة من دراعه وبيصرخ والضرب عليه شغال . خُفت أقول ابنى ووقفت اشوف الضرب فيه واسمع صريخ ابنى ، والضربة اللى بتقع على ابنى بتحطم ضلوهى وتكسر عضمى ، وصريخه بيهز قلبى من جوه . شفت عذاب الدنيا وانا واقف أتفرج على تعذيب ابنى قدام عينى ومش قادر أعمل له حاجة ، لغاية ما انقطع نفسه . ومات قدام عينى .. دفنت ابنى وكانى دفنت نفسى معاه . سبت الشغل وقعدت فى البيت وكلمة مراتى بتزعق فىّ : انت اللى جنيت على ابنك . إنت الى قتلته . كل الظلم اللى عملته فى اولاد الناس قعد لك فى ابنك .. فات على موت ابنى 15 شهر . وانا قليل ما بأنام .. ساعات افكر فى الانتحار ، وساعات افكر اروح أفجر نفسى واقتل كل الباشوات . وفى الآخر قلت أتوب وأصلى .. وقريت اللى انت كتبته عن التوبة عن الباشا اللى تاب فى آخر العمر . ودلوقتى أعمل ايه .. أنا معايا الشقة اللى ساكن فيها بتاعة الباشا اياه . ومعايا رصيد فى البنك وشقة تانية بتعتى تمليك وبأاجرها وشهادات استثمار . كلها مال حرام . بس عندى معاشى بعد ما سبت الشغل . أنا يا استاذ معنديش مشكلة اتنازل عن كل ده عشان ربنا يقبل توبتى . وممكن أعيش فى أى شقة بالايجار واعيش زى أى واحد فقير من محدودى الدخل بالمعاش .  . أعمل إيه يا استاذ ؟ )

وأقول :

1 ـ ليت كل من يُسىء إستخدام سُلطته يتذكر أن الله جل وعلا يٌمهل ولا يهمل ، وأنه جل وعلا للظالمين لبالمرصاد ، وانه من يعمل سوءا يٌجز به ، وان الله جل وعلا يعذب الظالمين فى الدنيا قبل الآخرة . إذا لم يتذكروا ما جاء فى القرآن الكريم عن عقوبات الظالمين فلا أقل من أن يتذكروا تلك الحكمة المصرية القائلة : ( إذا دعتك قدرتك الى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ) والحكمة العربية التى تقول لصاحب المنصب والكرسى والجاه والقوة : ( لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ) . الانسان الضعيف يسقط فى إختبار النعمة والقوة فيتحتم عليه أن يدفع الثمن قاسيا ومريعا فى هذه الدنيا ، فى الأغلب فى شيخوخته وضعفه ، ثم إذا مات بلا توبة إستحق الخلود فى الجحيم .

2 ـ أنت قلت بين السطور أنك تجاوزت الخمسين . وهى فرصة أخيرة للتوبة قبل فوات الأوان . أرى أن تتبرع بكل ما تملك للمرضى وملاجىء الأيتام ، وأن توزع بنفسك الصدقات  عليهم لتتعرف على معاناتهم ، ولعل هذا يزيدك تقوى وحرصا على عمل الخير فيما تبقى لك من عُمر . وحاول أن تُعيد الصلة بينك وبين طليقتك أم ابنك . كل منكما الآن فى حاجة الى الآخر . واضح أنها تفرغت لرعاية ابنكما بأن دفعته للتدين ، ولكن أفسده المناخ الدينى السائد فوقع فى التطرف  . ويبدو أنها حاولت أن تنقذه من الانحلال الذى وقعت أنت فيه فوقع ابنها صريعا للتطرف . ممكن ان ترجع الى زوجتك السابقة . لو رضيت يكون هذا الأفضل لكما .

3 ـ وأدعو الله جل وعلا أن يهدينا سواء السبيل . 

اجمالي القراءات 8662

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   داليا سامي     في   الإثنين ٢١ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[79750]

وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين


 



بسم الله الرحمن الرحيم : ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) .. اللهم عفوك وغفرانك 


2   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الإثنين ٢١ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[79751]

بارك الله في قلمك وجهدك


نأنس بقلمك وحكمتك والموضوعات التي تختارها لتصلح بها قلوبا ميتتة بظلمها وبطشها فليجعل الله الشفاء في حبر قلمك ومن نور القرآن والشوق للهداية متعك الله بالصحة والعافية 



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٢١ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[79753]

أكرمكم الله جل وعلا وجزاكم عنى خير الجزاء


شكرا لابنتى العزيزة داليا سامى ، وشكرا لابنى الحبيب د محمد شعلان .

وجزاكم ربى جل وعلا خيرا.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,688,294
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي