آحمد صبحي منصور Ýí 2015-12-16
حين يحكم اللصوص
مقدمة :
1 ــ لم يكن العسكر فى مصر جادين أبدا فى مكافحة التطرف والارهاب لأنهم خلقوه بديلا مرعبا ليرضى بهم المصريون خوفا من الأسوأ . تركوا فكر التطرف يسيطر على الأزهر والأوقاف والتعليم والاعلام ، فإذا صدّق الشباب وآمن بما يسمعه فى المسجد والمدرسة والصحف والتليفزيون ، وتحرك لتطبيق ما يؤمن به وجد أمن الدولة فى إنتظاره ، وألفى نفسه بين زبانية التعذيب ، وإذا خرج حيا أصبح قنبلة موقوتة جاهزة للإنفجار فى أى وقت . وانفجرت قنابل موقوتة كثيرة فى الثمانينيات وفى التسعينيات . ثم إنفجرت قنابل شعبية أطاحت بمبارك ، وبعد عزل الرئيس الاخوانى دخلت فى مصر فى إرهاصات حرب أهلية فى شوارع وميادين القاهرة والمدن الكبرى ، وفى صحراء سيناء والصحراء الغربية .
أى أن إحتكار الوهابية للساحة الدينية الفكرية أسّس جيلا شرسا مختلفا عن الأجيال السابقة ، يواجه جيلا عجوزا متحكما من العسكر وأتباعه قد تعدى الستين من العمر . أى أن هذه القيادات الحاكمة الآن حتى لو انتصرت بقوة السلاح فإن الجيل الشاب الآن الذى تعلم الوهابية هو الذى سيحكم فى المستقبل القريب جدا . جيل مبارك وصفوت الشريف والعادلى وعزمى ..الخ الذى حكم مصر ثلاثين عاما هو الآن فى الثمانين من العمر . الجيل الذى يحكم الان ( السيسى وصبحى ) يلعب فى سن الستين . وهو الى زوال حتى بدون قتال ، وستؤول مصر الى جيل الشباب ـ من هم اليوم من الشباب ، والذين يشكلون أغلبية السكان . هذا الجيل تعلم تعليما فاسدا وآمن بدين وهابى فاسد ، وهو يحمل حقدا لانهائيا على تهميش وتعذيب استمر من طفولتهم الى شبابهم ، وسيصحبهم هذا الحقد فى انتقامهم من المحكومين الذين هللوا للعسكر .
2 ــ طيلة حكم مبارك ظللت أكتب منبها للخطر ، وأتعرض الى الاضطهاد والمتابعة الأمنية بينما يعيش شيوخ التطرف فى رعاية مبارك ، ولا يزال الحال كما هو الآن فى عهد السيسى . حتى طريقة صفوت الشريف لا تزال سُنّة متبعة ، وهى إلهاء الرأى العام بأى قضية ينشغل بها الناس عن السرقات والتهريب الذى كان قائما على قدم وساق ـ ولا يزال .
3 ــ من حيل صفوت الشريف فى إلهاء الرأى العام عن السرقات ــ أنه فاجأ المصريين بشاب جىء به للتليفزيون ، وقد إعترف بأنه إرهابى ، وأعطوه إسم ( عادل عبد الباقى ) ولقب ( الارهابى التائب ) ، ولقنوه كلاما هائلا عن خطورة فكر الارهاب وتعاليمه وخطط الارهابيين . أحدث حديثه رحّة هائلة مدوية ، فلأول مرة يجرؤ التليفزيون الرسمى المصرى على فضح ثقافة الارهاب بهذه الصراحة وتلك الجُرأة ، وصار الارهابى التائب عادل عبد الباقى حديث المصريين جميعا ، وتحقق الهدف ، فقد إنشغل المصريون عن سرقة بلادهم الى حين .
واستمر مسلسل الالهاء ، أحيانا بطريقة إيجابية مثل موضوع الارهابى التائب ، وحينا بطريقة سامّة مؤذية مثل إعتقال عشرات الأبرياء عشوائيا بتهمة الشذوذ الجنسى وفضحهم إعلاميا ومنهم رجال محترمون وآباء وأرباب أُسر ، ثم الافراج عنهم بعد تشويه سمعتهم ، وبعد أن تحقق الهدف فى إلهاء المصريين بقضية ينشغلون بها . لا يزال هذا االمسلسل ساريا بدليل ( الهوجة ) التى ثارت فى مصر منذ عدة أشهر ثم انتهت ، هوجة المطاعم التى تذبح الحمير وتقدم لحومها كفتة وكباب . انتهت الهوجة وعادت ( الحمير ) سيرتها الأولى ، إنتظارا لهوجة أخرى .
4 ـ فى هوجة الارهابى التائب كتبت هذا المقال فى جريدة ( الأحرار) بعنوان (الإرهابي التائب ) بتاريخ 16 /5/ 1994 ، وهو لا يزال صالحا للإستهلاك الآدمى بعد 21 عاما .
( الارهابى التائب )
· انشغلت مصر كلها بحديث عادل عبد الباقي الإرهابي التائب في التليفزيون وتكاثرت التعقيبات الصحفية حول ما أثاره من قضايا ، وأثرت الانتظار إلي أن ينتهي المولد لأقول كلمتي عسي أن تجد صدي لمن يهمه الأمر .
· وفي البداية أقول بأسف شديد أنّ ما سمعته من حديث الإرهابي التائب لا يعد جديدا ، بل إن من يتابع مقالاتي علي مدار السنوات الأخيرة لن يجد جديدا يندهش له مما قاله عادل عبد الباقي
، فكثيرا ما حذرت من خطورة الفكر الإرهابي ومكمن الخطورة فيه هو اعتماده علي أحاديث باطلة وفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان تبيح القتل وسلب الأموال ، وكثيرا ما نبهت إلي خطورة ما يسمي بالجناح المدني للإرهاب ، أولئك الذين يصدرون الفتاوى بالقتل والاستحلال .
· كما سبق أن ألححت علي دور التليفزيون في تلميع نجوم من الأشياخ لهم باع طويل في تأسيس الجناح المدني للتطرف والإرهاب ، وأن مواجهة الإرهاب والقضاء عليه يمكن أن تكون من خلال التليفزيون وتأثيره الهائل ، ولكن الأمر الواضح أن القائمين علي الأمور في بلادنا ينتظرون دائما إلي الوقت الملائم ليكونوا خلف الرأي العام ، وأن ذلك هو الموقف الآمن بالنسبة لهم أنهم لا يصنعون الأحداث ، ولكن تدفعهم الأحداث ، بل تحملهم أمواج الأحداث فوقها ..وقد حملتهم أمواج التطرف من قبل وحصرتهم في دور رد الفعل ، بينما احتفظ الإرهابيون لأنفسهم بدور المبادرة . حدث هذا في الشرطة إلي أن استعادت وعيها أخيرا .. ثم لحق التليفزيون أخيرا بمواكبة الأحداث وارتضي أن يسير مع الرأي العام بعد أن اشتدت ثورة الرأي العام علي جرائم الإرهاب .. وحين تشجع التليفزيون أخيرا وأرضي الرأي العام وأذاع اعتراف الإرهابي التائب أصاب التطرف بجناحيه المدني والمسلح في مقتل .
وأعتقد أن الإرهابي التائب قد حفيت أقدامه علي أبواب الإعلام والصحف ، وفي حديثه ما يشير إلي ذلك، وما يؤكد علي عزمه علي إعلان الحقائق ليستريح ضميره .. وذلك يوضح إلي أي حد تثاقل الإعلام المصري عن أداء دوره المصيري في معركة تهدد أمن مصر وحاضرها ومستقبلها ووجودها ذاتها بعد سبعين قرنا من الزمان ، وحتى حين بادر التليفزيون إلي عقد مناقشات فكرية بشأن ما أثاره الإرهابي التائب فان المتحدثين كانوا من نفس الفئة التي تلف وتدور ولا تصل إلي كبد الحقيقة.، ربما لأن مدي معرفتهم يحتم عليهم ذلك وربما لأن رقابة التليفزيون هي التي تفرض مسار الحوار.
· إن أولئك المشايخ هم الذين يسارعون بمصادرة كتب الاستنارة إذا تعرضت لفكر التطرف وذلك يبين إلي أي حد اخترق عملاء التطرف أجهزة الدولة وأن الأمر يحتاج إلي رجال يخافون الله تعالي في هذا البلد الذي يتحكم فيه من يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا.. وإذا أردت الحصول علي نسخة من كتاب " حد الردة " لكاتب هذه السطور فستجد من أمرك عسرا، أما إذا أردت الحصول علي كتب الإرهاب التي تحدث عنها الإرهابي التائب فستجدها علي أبواب المساجد وفي معظم المكتبات .. وبعد ذلك يتحدثون عن مطاردة الإرهاب . ) انتهى المقال .
أخيرا :
أحسن الحديث : يقول جل وعلا : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) البقرة )
ودائما : صدق الله العظيم.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,342 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
سؤالان : السؤا ل الأول هل تصح الصلا ة وأنا ألبس...
عن التبرع للموقع: أود أن أسألك سؤالا بخصوص التبر ع للموق ع في...
يطيقونه : انا من إندون يسيا لا أحسن لغة العرب ية اريد...
الزمن فى القرآن: قُلْ أَئِن َّكُم ْ لَتَك ْفُرُ ونَ ...
الاصلاح هدم وبناء : السؤا ل : هناك اتهام ات لك انك تنتقد ولا...
more
ربما اختلف مع والدي الدكتور احمد فى كلمة عسكر وانها لا تليق بجنود مصر الوطنيين ولا تليق بواقعهم كجزء من شعبنا العظيم وليسوا مرتزقة حروب ولا بقايا عهد عسكر الباب العالي والخلافة العثمانية الرجعيه ,, وان كنت اتفق معه فى ان ادارة مصر بكل رؤسائها من خلفيات عسكرية تسير نحو تدعيم التطرف والارهاب الفكري وفي نفس الوقت قمع الارهاب المسلح السلوكي !! شيزوفرنيا حكم مصر اللهم الا لم يفعلها عبد الناصر فكان دعمه للازهر وقتها هو دعم لفكر محمد عبدة والشيخ شلتوت وائمة الفكر والاستنارة ,, مصر عبد الناصر لم تكن رجعية ولا متطرفة ,, اما الان مع تقديري لرئيس مصر السيسي الا انى لا ادري لماذا يحاربون الارهاب فى صورة اشخاص ولا يحاربونه فى حقيقته كونه فكر وكتب وتوجهات ؟؟