آحمد صبحي منصور Ýí 2015-09-08
قال : هرب السوريين الى اوربا جعل كثيرين منهم يعتنقون المسيحية ويكفرون بالاسلام . . هذه ظاهرة جديدة تحدث لأول مرة ، أن يرتد عدد ضخم من المسلمين ويعتنقوا المسيحية . ما رأيك ؟
قلت : ليست أول مرة .
قال : هل تقصد حرب الردة ؟
قلت : لا .. نحن نتحدث عن حركة جماعية للردة بدون حرب .
قال : متى حدثت أول ردة جماعية عن الاسلام بدون حرب .؟
قلت : حدث مثل هذا فى السنوات الأخيرة من خلافة ( على بن أبى طالب ).
قال : كيف ؟
قلت : هذه ضمن الحقائق التاريخية المسكوت عنها فى أحداث الفتوحات العربية المعتدية وما نتج عنها من فتنة كبرى وحروب أهلية بدأت بقتل عثمان ، وحروب الجمل وصفين والنهروان ، وفشل الخليفة( على ) مما جعل كثيرين من المسلمين الصحابة يرتدون عن الاسلام . حدث هذا بعد معركة النهروان بين ( على ) والذين خرجوا عليه من أتباعه ( الخوارج ) . يقول المؤرخ المسعودى فى كتابه ( مروج الذهب ) تحت عنوان ( تفرق أصحاب على وردتهم ) : ( جعل أصحاب على يتسللون ويلحقون بأوطانهم ، فلم يبق معه إلا نفر قليل ، ومضى الحارث بن راشد الناجى فى ثلاثمائة من الناس فارتدوا الى النصرانية ..)
قال : هل كان ذلك من أصحاب ( على ) كراهية فى ( على ) أم كراهية فى الاسلام ؟
قلت : الاسلام الحقيقى معدوم الصلة بما حدث من فتوحات قام بها الصحابة ، ومعدوم الصلة بما نتج عن تلك الفتوحات من صراع على الثروات إنتهى بالحروب الأهلية . والاسلام الحقيقى الذى ندعو اليه ـ نحن أهل القرآن ـ هو الذى نبذه الصحابة بما ارتكبوه من فتوحات ومن حروب أهلية ، وسار معظم المسلمين على سُنّة الصحابة ، وتأسست بسبب الفتوحات أديان أرضية لتبرير هذه الخطايا التى إستمرت من فتوحات وحروب أهلية وإستبداد سياسى وفساد وإكراه فى الدين . وتحولوا بهذا من ( مسلمين ) الى ( محمديين ) يقدسون إلاها أسموه ( محمدا ) يتناقض مع الشخصية الحقيقية للنبى ممد عليه السلام الذى أرسله الله جل وعلا رحمة للعالمين ، وليس لاهلاك العالمين . ودين السُّنة هو أشرس الأديان الأرضية للمحمديين . وهو المسئول عما يحدث الآن من حروب أهلية فى سوريا والشرق الأوسط .
قال : ولكن الذى يحدث هو صراع سياسى على السلطة ؟!
قلت : الذى يحدث فى الشرق الأوسط هو صراع بين إثنين من الأديان الأرضية للمحمديين ( السنيين والشيعة ) ، وهو صراع دينى تغلف بالسياسة ، أو صراع سياسى تستر بالدين الأرضى لكل منهما .
قال : ومن المسئول الحقيقى فى هذا الصراع ؟
قلت : السبب الأساس يتمثل فى الأسرة السعودية التى أقامت بالدين السنى الحنبلى الوهابية دولتها ثلاث مرات وسقطت مرتين .
قال : هل كل شىء سيء تجعل الأسرة السعودية مسئولة عنه ؟ ألا تعرف أن الصراع بين الشيعة والسنة مستمر قبل وجود الأسرة السعودية ؟
قلت : نعم كان موجودا فى العراق فى العصر العباسى الثانى ، وخصوصا فى بغداد ، والمسئول عنه هم الفقهاء الحنابلة السنيون المتشددون ، وقد أوضحنا هذا فى مقالات كتابنا ( الحنبلية ( أم الوهابية ) وتدمير العراق فى العصر العباسى الثانى ) . كان الصراع السنى فى العراق ( وبغداد بالذات ) يهب ثائرا ويخمد ، وتتداخل فيه عوامل سياسية داخلية وخارجية ، وكان الشيعة يقفون أحيانا موقف النّدّ للسنة . والمواجهات بينهما كانت سجالا فى أغلب المرات ، وفى كل الأحوال فهى مجرد مشاجرات ومناوشات مؤقتة .
تغيّر هذا بظهور الأسرة السعودية وتكوين دولتها الأولى بالوهابية التى أحيت ( الحنبلية ) وصارت أكثر تطرفا وتعصبا وتزمتا ودموية من الحنبلية العباسية القديمة . الأسرة السعودية بإسم الوهابية السنية أقامت دولتها الأولى ، والتى استولت على الحجاز وأقامت فيه مذابح ، وهاجمت شيعة العراق ، ودمرت أماكنهم المقدسة ، ونهبوا نفائسها ، وارتكبوا مذابح ضد الشيعة وغيرهم . وبهذا تحول الصراع الشيعى السنى الى مدى أعمق ( بالمذابح وتدمير مقدسات الغير والسلب والنهب والاسترقاق ) والى مدى أوسع يشمل سوريا ( كإقليم جغرافى ) مع العراق ، ويؤجّج هذا العداء دُعاة الوهابية فى الشام والعراق الذين حصروا الجهاد ضد المخالف لهم فى المذهب ( الشيعة بالذات ) والمخالف لهم فى الدين ( النصارى ) .
قال : هذا تاريخ مسكوت عنه مع إنه تاريخ قريب .!
قلت : بسب الوهابية التى انتشر دعاتها فى الشام والعراق فى القرن التاسع عشر تعرض النصارى لمذابح حتى بعد سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1818 . إستمر دعاة الوهابية فى تأليب السنيين العراقيين والسوريين ( سوريا كإقليم جغرافى ) ضد الشيعة والنصارى . وتوالت المذابح واهمها مذابح عام 1860 . وقد وجد النصارى عونا من الارساليات الغربية المسيحية ، وتشجعوا على الهجرة ، وهاجر معهم شيعة أخرون ارتد بعضهم عن الاسلام ، وكان معظم المهاجرين من العناصر المثقفة ، وبهم ظهر ما يعرف بأدب المهجر .
قال : وماذا عمّن بقى فى سوريا والعراق من الشيعة والنصارى ؟.
قلت : تحملوا الاضطهاد من السنيين الذين تحول معظمهم للتطرف والارهاب بتأثير الوهابية . وصار من المعتاد إجتماعيا قيام غارات ( سنية وهابية ) على النصارى والشيعة على مستوى القرى والأحياء ، وكانت الدولة العثمانية المسيطرة وقتها تغض الطرف عما يحدث لتستفيد منه سياسيا .
قال : ماذا بعد سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1818 ؟
قلت : قضى عليها الوالى المصرى ( محمد على باشا ) ، ولكنه ترك عقيدتها الوهابية حيّة مؤثرة تنتشر بين السنيين والصوفية على أنها ( الاسلام ) . لذا إستطاعت الأسرة السعودية أن تعيد تأسيس دولتها ( الثانية ) بإستغلال الزخم الوهابى . ثم سقطت ، واعاد عبد العزيز هذه الدولة السعودية الثالثة الراهنة وأطلق عليها إسم أسرته عام 1932 . وكان هذا بمساعدة( الاخوان ) وهم شباب من البدو غلاظ القلوب تشربوا الو هابية ــ على انها الاسلام ــ فى معسكرات حربية تعليمية أسموها ( الهجر ) ، وبهم إستطاع عبد العزيز إحتلال الحجاز والمنطقة الشرقية ( الاحساء ) وجنوب الحجاز التابع أصلا لليمن ، وحدود ( السعودية ) الآن رسمتها سيوف الاخوان . وهؤلاء الاخوان مسئولون عن آلاف المذابح المسكوت عنها فى الشام والعراق ،حيث كانوا يغيرون فى جماعات صغيرة تقتل الفلاحين فى القرى وتعود محملة بالغنائم ، يعتبرون ذلك جهادأ ، ويجدون العون من دُعاة الوهابية فى سوريا والعراق . قتلوا مئات الألوف من الأسرات الشامية والعراقية دون أن يتنبه لهذه الفظائع أحد . وإشتد غضب الاخوان وزعيمهم فيصل الدويش حين أقام الانجليز مخفرا على حدود العراق لحماية أهله ، وإعتبروا هذا العمل عائقا لهم عن الجهاد ، وهجموا على المخفر وقتلوا العاملين فى بنائه ، وتدخلت بريطانيا فاضطر عبد العزيز للتنبيه على الاخوان بالتوقف ، فحدث الخلاف بينه وبينهم ، واتهموه بالكفر لقعوده عن الجهاد وعلاقته بالانجليز الكفار والمصريين المشركين ، وتطور الخلاف الى صراع عسكرى ، وقضى عبد العزيز على أولئك الاخوان فى موعة السبلة ( 1929 / 1930 ) بعد أن أقاموا له دولته .
قال : الدولة السعودية الأولى بارهابها الوهابى فى العراق والشام تسبب فى هجرات المسيحيين والشيعة الى امريكا ونشأة أدب المهجر . فما الذى نتج عن الاضطهاد الوهابى للدولة السعودية الثالثة فى عهد مؤسسها عبد العزيز ؟
قلت : هذا أيضا من المسكوت عنه . ونقوله بإختصار :
1 ــ فى مواجهة الجهاد ضد النصارى والشيعة والذى يتمسح بالاسلام رفع المسيحيون والشيعة لواء العروبة والقومية العربية ، خصوصا وأن السلطان العثمانى عبد الحميد الثانى كان قد لجأ الى إستغلال إسم الاسلام سياسيا ضد انجلترة وفرنسا بتكوين ما يعرف بالجاعة الاسلامية . كان الرد هو بالاحتماء بالعروبة و ( القومية العربية ) ضد الوهابيين وضد العثمانيين . ساطع الحصرى المسيحى هو أول دعاة القومية العربية ، ميشيل عفلق المسيحى هو منشىء حزب البعث العربى القومى الذى ما لبث أن وصل الى الحكم فى العراق وسوريا . وعبد الناصر عندما إختلف مع السعودية و ( الاخوان المسلمين المصريين الوهابيين) رفع لواء القومية العربية وأعطاها زخما .
2 ـ المستضعفون الشيعة فى لبنان وسوريا وفلسطين لجأوا الى حماية أنفسهم بطرق شتى :
العلويون النصيرية فى سوريا إنضموا الى حزب البعث ، ثم إنقلبوا عليه مستغلين راية القومية العربية فوصل حافظ الأسد الى الحكم فى سوريا ، وورثه ابنه بشار من بعده .
الشيعة فى إنقساماتها المذهبية ظهرت فيها البابية ، ثم تفرع عن البابية البهائية . وُوجهت البهائية بالاضطهاد فأعلنت نفسها دينا ، وتقربت الى إسرائيل والغرب لتحمى نفسها من الاضطهاد الوهابى .
الدروز ـ وهم من أقدم الطوائف الشيعية المنتمية أصلا للفاطميين ، تعرضوا لاضطهاد ساحق ماحق , جعل الدروز اللبنانين يعتنقون القومية العربية ( كمال جنبلاط ) وجعل الدروز فى فلسطين ينضمون الى إسرائيل ويلتحقون بجيشها ، والدروز الشيعة العرب هم من أهم مكونات الجيش الاسرائيلى .
قال : نحن بهذا توغلنا فى التاريخ . ماذا عما يحدث الآن من تدمير العراق وسوريا ، وهجرة السوريين وردة بعضهم عن الاسلام ، أو ما يظنون أنه الاسلام ؟
قلت : قامت الدولة السعودية ثلاث مرات ، وسقطت مرتين ، والذى أقامها للمرة الثالثة ( عبد العزيز بن عبد الرخمن الفيصل آل سعود كان عليه ان يستفيد من تجارب أسرته حتى لا تسقط دولته للمرة الثالثة.
قال : كيف ؟
قلت : الركيزة الأولى فى سياسة عبد العزيز هى التحالف مع أمريكا القوة الصاعدة بديلا عن انجلترة ، مع تقوية العلاقات مع انجلترة والغرب . وظهر البترول فى عهد عبد العزيز فتوثق تحالفه مع امريكا ، أن تضمن حماية مملكته مقابل السيطرة على النفط . .
قال : هذا ما فعله عبد العزيز ، فماذا بعده ؟
قلت : عبد العزيز هو الذى أسّس الدولة السعودية الثالثة الراهنة ومات عام 1953 . أما الذى وطّدها فهو الملك فيصل الداهية المحنك المتظاهر بالتقوى. هو الذى حوّل مملكته الى دولة بوليسية متطرفة فى استبدادها وقهرها المواطنين وتعذيبها لهم وكثرة أحكام الاعدام ، وإستغلال الوهابية وشيوخها فى هذا الاستبداد والفساد وقمع المعارضة القولية المُسالمة . قام الملك فيصل بتحديث المملكة تكنولوجيا مع التمسك الحرفى بالوهابية دون تجديد أو إصلاح . بل على العكس هو الذى أسّس المراكز ( الاسلامية ) لتنشر الوهابية فى أمريكا والغرب ولتحول الجاليات ( الاسلامية ) فيها الى قنبلة موقوته يهدد بها الغرب متى شاء . وتدفع أمريكا والغرب الآن ثمن ما فعله بها الملك فيصل الداهية .
قال : وماذا عن ايران ومصر ؟
قلت : تحيط بالدولة السعودية دولتان راسختان لا تستطيع إسقاطهما هما : مصر وأيران .
إيران شيعية وكذلك معظم سكان الخليج الذين تحكمهم أسرات سنية وهابية . أيران تشكل خطرا هائلا على السعودية ، أى لا بد من عزلها وحصارها بالاستعانة بمصر اقليميا وامريكا دوليا .
مصر دينها الأرضى هو التصوف السنى المعتدل ، وإسم الوهابية مكروه فيها ، إذن لا بد من السيطرة على مصر من الداخل بتحويل دينها الصوفى السنى المعتدل الى الدين السنى الوهابى. ليس باستعمال إسم الوهابية الذى كان بغيضا للمصريين وقتها ، بل تحت مسمى السنة والسلفية .
قال : هذا هو حال مصر الآن ، تحولت الى الوهابية خلال نصف قرن . وبالتالى أصبحت تابعة فى الدين للاسرة السعودية . فكيف حدث هذا ؟
قلت : أنشأ عبد العزيز عن طريق عملائه ( رشيد رضا ) ( حامد الفقى ) و ( محب الدين الخطيب ) مؤسسات وهابية مثل أنصار السنة و الشبان المسلمين ، وقام الشيخ السبكى بتحويل الجمعية الشرعية ـ أكبر جمعية دينية مصرية تنتمى للتصوف السنى ـ الى جمعية وهابية . ثم تم إختيار الشاب حسن البنا من تنظيم الشبان المسلمين ليقود تنظيما سياسيا جديدا هو الاخوان المسلمين .
قال : يعنى أن الاخوان المسلمون صناعة سعودية وهايية ؟
قلت : نعم . وخلال عشرين عاما ( 1928 : 1948 ) أصبح للإخوان المسلمين تنظيم عالمى ، وتنظيم سرى للإغتيالات ، و50 ألف شعبة داخل مصر ، وتسرب الاخوان الى الضباط وتحالفوا معهم فقام انقلاب 23 يولية ، وسرعان ما إختلفوا مع عبد الناصر فعصف بهم عبد الناصر فهرب معظمهم الى السعودية . وانتقم السعوديون من عبد الناصر ، فأرهقوه فى اليمن ، وتآمروا على هزيمته فى 1967 ، ثم قاموا بإحتوائه فى مؤتمر الخرطوم ( مؤتمر اللاءات الثلاث ) عام 1967 ثم جعلوه يعين عميلهم أنور السادات نائبا للرئيس ، ثم قتلوه بالسم ليتولى السادات مكانه ، ويسير فى خدمة الوهابية والسعودية ، وبعد مقتله تولى مبارك ..الخ و بهذا تم للأسرة السعودية السيطرة على مصر ، ولا تزال .
قال : ماذا عن سياسة السعودية مع إسرائيل؟
قلت : ـ. سياسة الأسرة السعودية هو العداء اللفظى مع اسرائيل وعدم التحرش بها لأنهما معا يعتمدان على الغرب وأمريكا بالذات . وليست للسعودية حدود مشتركة مع إسرائيل . وثروات البترول وعوائده فى يد بنوك يسيطر عليها اليهود وحلفاؤهم .
قال : ماذا عن اليمن ؟
قلت : السياسة السعودية هنا فى إضعاف اليمن وتقسيمه وتدميره إذا أمكن .
إقتطع السعوديون من اليمن حقوقه التاريخية فى المنطقة ما بين الحجاز واليمن . وسلطوا حسن البنا عام 1948 فأرسل عميله الجزائرى الفضيل الورتلانى الذى أشعل ثورة الميثاق فى اليمن والتى أسفرت عن ذبح إمام اليمن وسرقة كنوزه ، وفشلت الثورة ولكن إستمرت مؤامرات السعوديين على اليمن الى درجة تحالفهم مع الماركسيين لتقسيم اليمن ،وفصل الجنوب عن الشمال . والآن تشنّ السعودية وأذنابها حربا خسيسة ضد الشعب اليمنى ، بعد أن نشرت فيه الوهابية تدمره من الداخل .
قال : ماذا عن العراق ؟
قلت : الخطر الذى كان يمثّله صدام حسين أرعب السعوديين . فى البداية تم توجيه صدام نحو ايران للقضاء على جمهوريتها الدينية الشيعية ، فتحقق أمل السعوديين فى إضعاف ايران والعراق وتدميرهما جزئيا . وعاد صدام مخذولا من حرب عقيمة ، وخوفا من ان يتمرد عليه جيشه أدخل جيشه فى إحتلال للكويت ، وبدا الخطر واضحا يقترب من الرياض ، فاستنجد آل سعود بحاميتهم أمريكا ، وانتهى الأمر بحرب الخليج الثانية واحتلال العراق ، وتحقق للأسرة السعودية تدمير العراق بتأجيج الصراع بين السنة والشيعة وتشجيع السنيين على إقامة مذابح للشيعة .
قال : وماذا عن سوريا ؟
قلت : الطائفة النصيرية العلوية الأقلية وصلت لحكم سوريا بانقلاب وزير الدفاع حافظ الأسد الشيعى النصيرى . إنتقم حافظ الأسد من الوهابيين السنيين حين ثاروا عليه . وظل حافظ الأسد يحكم سوريا بالحديد والنار الى ان تولى ابنه بشار سائرا على نفس طريق القمع . هو صراع وجود ضد الوهابيين السنيين ، وهم الأغلبية فى سوريا . لا تتسع سوريا لهما معا ، ولو سقط بشار الأسد فهذا يعنى إستئصال الأقلية العلوية النصيرية فى سوريا التى يبلغ عددها 20% فقط من عدد السكان . لذا رفض بشار التخلى عن إستبداده فى مواجهة مظاهرات الربيع العربى السلمية . لأن التنازل إذا بدأ فسينتهى بسقوطه ، وسقوطه يعنى ذبح قومه الشيعة النصيرية العلوية . كانت خطته هى فتح الطريق للارهابيين الوهابيين ليحلوا محل المعارضة السلمية ، وبدلا من أن يواجه مظاهرات سلمية إصلاحية يشعر بالحرج العالمى فى مواجهتها بالسلاح فإن تغيير هذه المعارضة لتكون ارهابية يعطيه المبرر لكى يقمعها بالسلاح ويقمع معها المعارضين المًسالمين .
قال : أين دور السعودية هنا ؟
قلت : وجدتها الأسرة السعودية فرصة للتواجد داخل سوريا لتدمرها فوق رأس بشار الأسد ، ولتقسم سوريا وتُضعفها أو تدمرها . وبسرعة ظهرت جماعات إرهابية مسلحة ، انتقلت من العراق والاردن الى سوريا ، وتقاطرت عليها الاسلحة والمقاتلون ، تحت إشراف المخابرات السعودية ، مع غض الطرف من الغرب وايران وتركيا أملا فى الاستفادة السياسية من إعادة تقسيم المنطقة . وبهذا تكونت وتضخمت وتمددت داعش ، تحقق أمل السعودية الفرصة فى تدمير سوريا كما فعلت وتفعل فى تدمير العراق .
قال : ولكن داعش ضد السعودية ؟
قلت : هذا يحدث عند التلاعب بالوهابية ، ينقلب عليها ما تصنعه . عبد العزيز آل سعود أسس الاخوان النجديين فخدموه ثم ثاروا عليه . عبد العزيز أسس الاخوان المسلمين وحرّم عليهم العمل داخل السعودية حتى لا تتكرر ماساته مع الاخوان النجديين ، ولكن إضطر ابنه الملك سعودى لاستقبال الاخوان المسلمين بعد أن عصف بهم عبد الناصر عام 1954 . غاش الاخوان المسلمون فى السعودية ، وما لبث أن تآمروا عليها وكانوا السبب فى ظهور المعارضة الوهابية داخل السعودية بعد حرب الخليج . السادات تحالف مع الاخوان وتنظيماتهم السرية والعلنية فقتلوه . أمريكا تحالفت مع الوهابيين فى حرب السوفيت فى أفغانستان فانقلب عليهم أسامة بن لادن .. هو نفس الدرس الذى لا يتعلم منه أحد .!
قال : نعود الى ان الأسرة السعودية حريصة على تدمير جيرانها ، فلكى تبقى على قيد الحياة فلا بد من منع قيام دول قوية على حدودها . ما الذى ترتب على هذا فيما يخص موضوعنا ؟
قلت : ترتب على مذابح داعش وبشار الأسد ليس فقط تدمير سوريا وقتل مئات الألوف من السوريين بل أيضا تحويل الملايين من السوريين الى لاجئين فى الاردن ولبنان ومصر وتركيا ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فركبوا البحر فى هجرات غير شرعية للسواحل الأوربية ، وانتهز الفرصة القراصنة ، فكانوا يحملون تلك الهجرات ثم يرعمون المهاجرين على القفز فى البحر قبيل الساحل الأوربى ، وقطع الطريق سباحة . وإمتلأت البحار بجثث السوريين !!.
قال : ولكن لا بد من الإشادة بموقف ألمانيا والرأى العام الغربى
قلت : أوربا التى تعانى من الوهابيين المهاجرين فى داخلها وقعت بين نارين : عذاب الضمير من ترك المهاجرين السوريين فى هذا الوضع ، وعذاب القلق من الارهاب وتخفى دواعش بين هؤلاء المهاجرين ليقوموا بأعمال ارهابية داخل أوربا . تغلبت ألمانيا والفاتيكان على هذا التخوف وتعاطفت مع الضحايا السوريين .
وفى هذه الظُّلمة الحالكة ننتظر من الضحايا السوريين الارتداد عما يعتبرونه الاسلام والدخول فى المسيحية . حقيقة الأمر إنهم لم يرتدوا عن الاسلام ، هم تركوا الدين السنى الوهابى الأرضى وإعتنقوا دينا أرضيا آخر هو المسيحية . تركوا تقديس ( محمد ) وأئمة السنة الى تقديس عيسى وأئمة المسيحية . أما الاسلام الذى لا تقديس فيه لبشر والذى لا مجال فيه لكهنوت ، فليست له أى علاقة بما يحدث سوى علاقة التناقض . كل الأديان الأرضية ضد الاسلام ، وأفظعها الدين السنى الوهابى الذى نشر حمامات الدم فى العالم ثم يزعم ان ما يفعله هو جهاد اسلامى .
قال : ما هو حساب المكسب والخسارة بالنسبة للسعودية والوهابية ؟
قلت : لقد جاءت الأنباء بانتشار الايدز بين الدواعش بسبب إسرافهم فى الفواحش . وتأتى الأنباء الآن بكفر بعض السوريين السنيين بالدين السُّنّى ودخولهم فى المسيحية . هذه خسارة كبرى ، إذ تحلم الوهابية بنشر دينها فى الغرب ، وأقامت السعودية عشرات الألوف من المساجد والمدارس والمراكز ، واشترت آلاف الكنائس فى الغرب لتحويلها الى مساجد سنية ، وسيطرت السعودية على أقسام الدراسات الاسلامية فى جامعات أمريكا والغرب لتمنعها من مناقشة الوهابية وجرائمها المتسترة بالاسلام ، ولكنه كما قال رب العزة ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43)/ 35) فإن المكر الوهابى السعودى أصبح يحيق الآن بهم ، فأصابع الاتهام تتوجه نحو السعودية حتى فى داخل أمريكا ، ومرشح للرئاسة ( دونالد ترامب ) المشهور بصراحته هاجم السعودية علنا واتهمها بالمسئولية عن المذابح بنشرها الوهابية . والآن يترك عشرات الألوف من السنيين دين السنة ليكونوا ملحدين أو مسيحيين . وكما إرتد بعض الصحابة فى خلافة (على بن أبى طالب ) وإعتنقوا المسيحية رد فعل على التطرف فى سفك الدماء فالمنتظر أن تنحسر الوهابية بسبب تطرف الوهابيين السعوديين والدواعش فى سفك الدماء .
قال : ما هو المخرج من هذا المسلسل من حمامات الدم ؟
قلت :الصراع السنى الشيعى ليس إختراعا أمريكيا أو غربيا . بل إستغلت امريكا وأوربا ما يحدث لمصلحتها البترولية العاجلة ،على حساب مستقبل أجيالها . وتناست أن الوهابيين ينقلبون على من يتحالف معهم حتى لو كان وهابيا مثلهم ، فكيف إذا كان فى نظرهم كافرا . فالخطأ الأول فى سياسة الغرب هو تحالفها مع بعض زعماء الوهابية خصوصا الأسرة السعودية ، ويتبع ذلك تحالفها مع أنظمة الحكم المستبدة التى تستخدم الوهابية . هذه النظم تقف ضد أى حركة إصلاح دينى من داخل الاسلام .
قال : هل نشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط يخدم الغرب ؟
قلت : حقيقة الأمر إن تحول الشرق الأوسط الى الديمقراطية هو الذى يحمى أوربا والغرب ، بينما ترك الشرق الأوسط فى قبضة حكام مستبدين وسيطرة الوهابية ينشر الخراب فى الشرق الأوسط ويجعل آثاره تمتد لتشتعل فى اوربا ليس فقط بالمهاجرين واللاجئين بل أيضا بالارهابيين ، وبالتالى فإن الوهابيين الهاربين من الاستباد الشرقى لاجئين للغرب سيشعلونها ارهابا فى أمريكا والغرب .
قال : كيف تتأسس الديمقراطية فى الشرق الأوسط ؟
قلت : تأسيس الديمقراطية فى الشرق الأوسط هى الحل ، ولكن هذه الديمقراطية تحتاج أولا الى تأسيس ثقافة الديمقراطية ، ولا يمكن تأسيس ثقافة الديمقراطية إلا باصلاج دينى تعليمى تشريعى سياسى ، لا بد من حرب فكرية سلمية للوهابية تؤكد أن الاسلام هو دين الديمقراطية المباشرة و الحرية الدينية المطلقة والعدل للجميع والسلام والرحمة ، وأنه ضد الظلم والبغى والاعتداء والإكراه فى الدين .
قال : الخلاصة أن الحرب الفكرية السلمية من داخل الاسلام هى السبيل للتخلص من الوهابية وتأسيس الاصلاح الديمقراطى فى الشرق الأوسط ، وهو الذى يحمى الغرب ، وليس السكوت عن الاستبداد الشرقى وليس محاربة الارهاب بالسلاح ؟
قلت : فى القرية الكونية زالت الحدود ، وتمددت داعش بحربها الفكرية تجند أنصارها داخل الغرب ليقوموا بتدميره . لو قامت أمريكا بقتل كل الارهابيين جميعا فإن فكر الارهاب سينتج ملايين آخرين اشد عنفا وأكثر ميلا للإنتقام . لذا فالحرب الفكرية يجب أن تكون الأساس وتحت حماية قوة عسكرية . بالاضافة الى أن الحرب الفكرية للوهابية تمحو ثقافتها القائمة على تقسيم العالم الى معسكرى الايمان والكفر ، والتى تجعل الغرب كله معسكرا للكفر يجب قتاله ، وتعمل على تحويل الجاليات المسلمة داخل الغرب الى طابور خامس يعمل من أجل تدمير الغرب من الداخل. بتوضيح حقائق الاسلام تنتهى كل تلك الخزعبلات ، وتنهى معها الوهابية وثقافتها القرن أوسطية الى متحف التاريخ ، وينجو من القتل ملايين البشر داخل وخارج الشرق الأوسط .
قال : إذا كانت الحرب الفكرية بهذه الأهمية فماهى تكلفتها ؟
قلت : تكلفتها لا تتعدى ثمن طائرة حربية واحدة . بل يمكن أن تكون أقل من ذلك .!
قال : لا أسألك كيف ، ولكن أسألك : إذا كان تلك الحرب الفكرية المهمة تكلف أقل من ثمن طائرة ، فلماذا لا تعتمدها أمريكا والغرب ؟
قلت : السبب هم من ينتج الطائرات والأسلحة الحربية وشركات البترول ، هم الذين يستفيدون من الحروب ويعيشون على التهام أشلاء ضحايا الحروب وإمتصاص دمائهم . هم المتحالفون مع الأسرة السعودية ، الذين يبيعون سلاحا باهظ الثمن باهظ العمولات ، فتتكدس حسابات الفريقين بالبلايين ، وتتكدس اشلاء الضحايا بالملايين . .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,785 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
حرام بلا شك .!!: الامت ناع عن دفع الضرا ئب ورسوم الكهر باء ...
الركاز والزكاة : يقولو ن أن الركا ز هو المعا دن المست خرجة ...
التنسيق الوطنى : سلام علی ;کم یا دکتر احمد صبح 40; ...
more