آحمد صبحي منصور Ýí 2015-01-16
كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )
الجزء الأول : العقائد الدينية فى مصر المملوكية بين الاسلام والتصوف .
الباب الثانى : تقديس الولي الصوفي في مصر المملوكية
الفصل الثالث :ملامح تأليه الولى الصوفى فى العصر المملوكى
الرد على زعم الصوفية ( الكرامات ) أو التصرف في ملك الله تعالى
1- الرسول – كل رسول – مطالب بمعجزة دالة على صدقه، ويُعطى الرسول معجزة من لدن الله تعالى تشهد بصدق الرسول في إخباره عن ربه .ومع ذلك فالرسول – كل رسول – يؤكد أنه بشر لا يملك لنفسه – فضلاً عن غيره – نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله . وهذه مقالة كل إنسان. بل أن توقيت ظهور المعجزة على يد الرسول خارج عن إرادة الرسول . فكل ذلك مرجعه لله تعالى (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله ) الرعد 38 )(غافر 78 ).. ( قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ) إبراهيم 11 ). ذلك أن لله تمام التحكم في مخلوقاته (مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) هود 56 ) فكل دابة من الجراثيم حتى الإنسان لا تخرج بأي حال من الأحوال عن سلطان الله ولا يد لها في الحتميات الخاصة بالميلاد والموت والرزق والمصائب. فالله تعالى لم يخلق الكون ثم يتركه، ، يقول تعالى (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) الأعراف 54) وهنا أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور على المبتدأ ، ويعني أن عمليتي الخلق والتحكم في المخلوقات قصر على الله تعالى وحده لا يشركه في ذلك أحد غيره : ( مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكهف 26). أي لا شريك له تعالى في حكمه وفي ملكه .غاية ما هناك أن الله جل وعلا ترك للإنسان حرية الايمان والكفر والطاعة والمعصية. وحتى فى مجال هذه الحرية فإن الله جل وعلا يجعل الانسان مسئولا يوم القيامة على هذه الحرية ، لذا يسجل على كل إنسان ما يقول وما يفعل وما فى قلبه من إيمان أوكفر ومن خطرات ووساوس ليحاسبه يوم القيامة: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) غافر ) . إنه جل وعلا الرقيب على كل شىء (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (52) الاحزاب ) ، وهو جل وعلا الشهيد على كل شىء:( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55) الاحزاب ) وهو جل وعلا القيوم القائم على كل نفس بما كسبت، برغم خرافات المشركين الذين جعلوا لله جل وعلا شركاء فى مُلكه ، يقول رب العزة ردا عليهم: ( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنْ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) الرعد) .
2- وقد زعم الصوفية الكرامات أو التصريف في ملك الله ، وثار الجدل حول الكرامات فيما بعد القرن الثالث بين منكر ومؤيد ، حتى إذا أهلٍّ عصر الغزالي تقررت الكرامات ضمن التسليم بدين التصوف والايمان بأوليائه . وإنحصر الخلاف حول من يستحق الوصف بالكرامة لا في مبدأ الكرامة ذاتها . ومهما يكن من أمر فإنه قلّ أن تقرأ لمنكري الكرامة رأياً في أن دعاوى الكرامات أمر جديد في تاريخ المسلمين لم يعرف يقيناً في عصر الخلفاء الراشدين والأمويين والعصر العباسى الأول ، ولم تذكرها المؤلفات الأولى السابقة فى العصر العباسى الأول فى كتب السيرة وكتب التاريخ المعتمدة كطبقات ابن سعد وتاريخ الطبرى والمسعودى . بدأ الحديث عنها خجولا فى العصر العباسى الثانى عندما بدأ دين التصوف فى الانتشار . ومن المضحك أن رواد التصوف الذين أصبحوا مقدسين فى العصر المملوكى تعرضوا الى الاضطهاد فى العصر العباسى الثانى الذى وصل الى قتل الحجاج والسهرورى الاشراقى ، ولم تغن عنهم كراماتهم المزعومة شيئاً .
3 - والأهم من ذلك كله أن الآية الحسية أو المعجزة [1] الحسية قد انطوت صفحتها ببعثة النبي عليه السلام خاتماً للأنبياء ورسولاً عالمياً للبشر في كل زمان ومكان منذ عهده إلى أن تقوم الساعة، ومنطقي أن تكون معجزته على قدر مسئوليته. الأنبياء السابقون كانوا محليين في زمن معين ومكان معين وقوم بعينهم، فكانت معجزاتهم حسية مُشاهدة ملموسة مادية مرئية ينتهي أثرها بانتهاء الرسول المرسل إليهم. وجاء خاتم النبيين رسولاً عالمياً ، فكان القرآن الآية أو المعجزة الوحيدة التى معه ، وهى معجزة عقلية علمية يتحدى بها الله البشر في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة.
4 ـ وحاولت قريش جهدها أن تطلب آية حسية من الرسول فرفض الله تعالى . ويأتى الرد من رب العزة بأن يقول لهم إنه مجرد منذر: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)الرعد ) وأن من يشاء الهداية والإنابة يهده الله جل وعلا بلا معجزة حسية ، ومن يشأ الضلال يضله الله جل وعلا ، أى هى مشيئة البشر بلا حاجة لمعجزة :( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الرعد ). وكانت أسباب الرفض :
4 / 1 : الاكتفاء بالقرآن : ( وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{50} أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ{51 } إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ العنكبوت). كانوا يكرهون القرآن ، بل ويطلبون قرآنا آخر يسير على هواهم ، وطلبوا ذلك فعلا ونزلت الرد فى قوله جل وعلا : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) يونس ). أى إن كراهيتهم للقرآن دفعتهم الى طلب آية حسية على سبيل العناد .
ويأتى الرد عليهم فى رفض طلبهم الآية الحسية بالإشارة الى آية القرآن ومعجزته الخالد . يقول جل وعلا عن طلبهم الآية الحسية : (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (37) ثم تأنى الآية التالية تشير الى حقيقة علمية فى القرآن الكريم : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) ) الانعام ) أو تشير الى أن القرآن الكريم جاء بالبينة عما كان فى الرسالات السماوية السابقة : ( وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى (133) طه ) وأن أهل العلم من الذين أوتوا الكتاب آمنوا بالقرآن حين سمعوه : ( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) ) المائدة ) (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) الشعراء ) وأن أولئك العلماء كانوا يسجدون عند سماع القرآن : ( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109) الاسراء )
4 / 2 : لقد اتهموه عليه السلام بأنه شاعر وإنه إفترى القرآن من عنده ، وأن القرآن أضغاث أحلام وطلبوا آية حسية كما كان يحدث فى عهد الأمم السابقة فقال جل وعلا يرد عليهم بأن الآيات السابقة لم تفلح فى هداية الأمم السابقة ، ولن تهدى الكافرين المعاندين فى عصر خاتم النبيين: ( بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلْ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5) مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) الأنبياء ). وأقسموا بالله جل وعلا جهد أيمانهم انهم لو جاءءتهم آية فسيؤمنون، فأكد جل وعلا إنه لو أنزل آية فلن تجعلهم يؤمنون ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) الانعام ) ، وأنه جل وعلا لو أصعدهم الى السماء فلن يؤمنوا وسيقولون إنه سحر أبصارهم : (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر ). ولو أنزل الله جل وعلا من السماء كتابا ماديا حسيا لمسوه بأيديهم فلن يؤمنوا ، سيقولون إنه سحر : ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7) الانعام ) .
4 / 3 : وقد كانت الآية الحسية أو المعجزة الحسية فيما مضى نذير إبادة القوم المنكرين فإما أن يؤمنوا بعدها وإما أن يهلكوا بالصاعقة أو الصيحة وغيرها . وجاء محمد عليه السلام رسولاً عالمياً فأصبح الإهلاك التام للمنكرين أمراً غير وارد ، فأضيف سبب آخر لرفض المعجزة الحسية، يقول تعالى معللاً منع إرسال الآيات الحسية (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً )الإسراء 59)..ومن هذا إنهم طلبوا أن يروا الملائكة . والبشر لا يرون الملائكة إلا عند الموت وعند قيام الساعة . وفى الحالتين فإن الكفار لن يروا الملائكة إلا عند إنقضاء الأمر والحكم عليهم بالخسران ، يقول جل وعلا : ( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ (8) الانعام )( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (22)) الفرقان ).
5 ـ وتنوعت الآيات الحسية التى يطلبونها ونزل الرفض الالهى : (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93) الاسراء )(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (11) الفرقان ).
6 ـ : وكان عليه السلام يحزن بسبب إلحاح المشركين عليه طالبين آية حسية ، وعدم إستجابة ربه تعالى لإنزال آية حسية، بل قال له جل وعلا : ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ{33} وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ{34} الانعام ) ثم قال له جل وعلا تأنبيا له إنه إذا إستعظم عليه إعراضهم وإلحاههم فى طلب آية حسية فليتصرف هو من نفسه يصعد الى السماء أو يتخذ نفقا فى الأرض، وحذره رب العزة أن يكون من الجاهلين : ( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ؟ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ{35} الأنعام )..
7 ـ إن خاتم النبيين ـــ عليه وعليهم السلام ــ كان صاحب دعوة وهب حياته لها ، وكافح وناضل وأوذى وهاجر وجاهد وحارب فى سبيلها . وفى كل ذلك كان يتصرف بجهده البشرى ومعه أصحابه ، وكان يتعرض للهزيمة وللمكائد والمؤامرات ، ولم تكن لديه كرامات ومعجزات حسية يستعين بها فى كل معاناته . كان معه القرآن فقط ، ينزل عليه يخبره أحيانا ببعض مكائد أصحابه من المنافقين ، ويحكم رب العزة أحيانا بكفر بعضهم وما فى سرائرهم دون فرض عقوبة دنيوية عليهم إكتفاءا بما ينتظرهم من عذاب الآخرة إذا ماتوا بلا توبة صادقة. كان عليه السلام كان أحوج الى معجزة حين حوصر فى غزة الأحزاب ، وحين هُزم فى ( أُحُد ) ولكنه كان يتصرف بجهده البشرى ، وقد أمر الله جل وعلا أن يُعد المؤمنون كل ما يستطيعون من قوة مادية وبشرية للدفاع ضد المعتدين (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) ) الأنفال ) ولو كانت لديه إمكانات المعجزة الحسية ما إحتاج الى كل هذا العناء . هذا شأن الرسول صاحب الرسالة، وصاحب الآية الدالة على صدق نبوته . فما هو هدف من يزعم آيات ( الكرامات )؟ أهو صاحب رسالة بعد خاتم الرسل ؟ والجواب أنه ليس صاحب رسالة، وإنما هو مدعٍ للإلوهية ، فلابد أن يدعي مستلزمات الألوهية ومنها التحكم في ملك الله – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - ثم يسمى ذلك كرامة..
[1] - المقصود بالمعجزة هي الخارقة التي يتحدى بها الرسول قومه ويدلل بها على صدق دعواه، فالتحدي هو الفارق بين (المعجزة) الموجهة للمشركين (والاختصاص) وهو الخارق الذي يمن الله به على رسله كالإسراء وغيره حيث لا تحدٍ فيه.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,689,304 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
خير أًمّة : الآية كنتم خير أمة لا تعني محمد لان محمد ص هو...
التحية باالانحناء: بعض الناس عند الملا قاة ( لقاءا لآخر ) يقبل...
الصلاة فى فنلندة: كيف يمكن أن تقام الصلا ة في بلد كفنلن دا حيث...
أسماء الأنبياء: حبيبي الدكت ور أحمد السلا م عليكم لقد ...
المهدى المنتظر: ما هو سلاح الاما م المهد ي عجل الله ظهوره...
more