ق 1 ف 4 : التطرف:الاكراه في الدين عند الاخوان النجديين

آحمد صبحي منصور Ýí 2014-07-03


كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

الفصل الرابع : ملامح البناء الايدولوجي فى سلوكيات الاخوان النجديين  

التطرف:الاكراه في الدين  عند الاخوان النجديين

اولا :التطرف والاكراه في الدين في الداخل (ازالة المنكر )

1 ــ منذ ان اخترع الحنابلة حديث (من رأي منكم منكرا فليغيره بيده الخ ) وهذا الحديث يقوم بدوره دستورا للتطرف والمزايدة السياسية على الحاكم فى الدولة الدينية ، لأنه يجعل تغيير المنكر فريضة عينية على كل فرد من آحاد الناس . ومهما حاول علماء السلطة الدينية تأويل الحديث بانه موجه للسلطة فقط دون بقية الناس فان صياغة الحديث واضحة في مخاطبة الافراد وكل انسان (  من رأي منكم منكرا ..) ، أى يجعل الدعوة مفتوحة للجميع لتغيير ما يرونه منكرا .  وبالطبع فتحديد ماهية ( المنكر ) يتوقف علي الرؤية الذاتية للافراد والجماعات ،ولكن مقياس التغيير لهذا المنكر مرتبط بمدى القدرة على الفعل والحشد والتأثير ، أى مدى القدرة  ( علي التغيير)  .واذا كان ذلك الحديث يحض علي الثورة الحركية للمتدينين العاديين فان له شأنا اكبر مع الجماعة الأيديولوجية التي تتربي عقائديا علي ان مهمتها في الحياة هي نشر كلمة الله وتغيير المنكر بقوة السيف واليد ،وبالتالي فان ذلك الحديث يؤكد لهم انهم هم وحدهم المختارون ( لهداية الناس ) فى تصورهم بإدخالهم  قسرا فى دين ومذهب تلك الجماعة الايدلوجية ، أى لإكراههم فى الدين . وهكذا يتوجه العنف الي الخارج للهداية الاجبارية ،ويتوجه العنف في الداخل لإزالة المنكر.

2 ــ وتحديد ماهية المنكر هنا هو : (  كل ما يخالف فكر تلك الجماعة المتسلطة )، والأغلب أن يكون تحديدا فقهيا متزمتا متشددا .ومن هنا يرتبط التطرف بالتعصب والتزمت . والاخوان في عهد عبد العزيز اصدق مثال علي ما نقول ، ونستشهد بما قاله حافظ وهبة ،يقول (اذا وجدك الاخ في الطريق ووجد شاربك طويلا فانه يدعوك الي السنة ثم يضع يده علي شاربك فيقص الزائد، اما اذا كنت مارا بالهجرة أي مقر الاخوان فان العملية تتم قسرا وزجرا لا بطريق النصح واللطف ،وكذلك اذا وجدوا الثوب زائدا فان المقص يعمل عمله في الزائد تنفيذا للحديث ( ما تحت في الكعبين في النار) . وكعادته يحاول حافظ وهبة تبرئة سيده عبد العزيز من ( تطرف الاخوان ، مع إن عبد العزيز هو الذى قام بغسيل مخ أولئك البدو ليكونوا إخوانا ، يقول حافظ وهبة : ( وبالرغم مما يأتيه الاخوان من الخطأ والخطل وتجاوزهم حدودهم ازاء الحكومة فان الملك ابن سعود كان يغض عن ايذائهم ،ويحتمل نقدهم بحلم وصبر..) أى إن عبد العزيز ربّى وحشا فانقلب عليه هذا الوحش ، حسب ما قلناه فى أثر حديث تغيير المنكر فى المزايدة على الحاكم فى الدولة الدينية .

3 ـ ويشير حافظ وهبة الى فظائع الاخوان النجديين فى ( مكة ) بعد إحتلالها ، ولكنه يشير ولا يشرح ، يقول :  

( أما شدة الاخوان في مكة اول دخولهم لها فحدث عنها ولا حرج ،فلم تكن هناك أي هيبة للحكومة ، فكل ما يعتقده الاخ منكرا يزيله بنفسه او ببندقيته او بعصاه او بيده ..)[3].

و حافظ وهبة يتحدث عن اوائل الاخوان الذين عينهم عبد العزيز في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز بعد ان ضمه إليه ،وقد اثار عملهم الرسمي حنق احسان الله نائب قنصل حكومة الهند فكتب يقول لحكومته ( انه خولت هذه الهيئة سلطات موجزة ،واستطاعت ان تستخدم عددا كبيرا من الجنود النجديين في خدماتها ،وهناك حوالي 20 جندي نجدي ينوبون عن الهيئة  في كل حارة من الحارات ،وبذلك يصل عدد الجنود الاجمالي في مكة الي حوالي 260 ،ومن الطبيعي ان يؤدي هذا العدد الكبير من العنصر غير الانساني الذي لا يعرف التعاطف الي بث الرعب في قلوب عامة الناس ،ان اطلاق عقال هؤلاء الوحوش يجعلهم يداومون علي اقتراف كل الاعمال القاسية ،اذ ليس هناك قانون يردعهم ،وبخاصة في اوقات اداء الصلوات الخمس كل يوم ،عندما يجري اولئك الشياطين بطريقة وحشية عبر الاماكن العامة، ويدخلون الحارات لمطاردة المخطئين الذين يحتمل ان يكونوا قد أووا اليها ،وعندما كانوا يكتشفونهم كانوا يوسعونهم ضربا بلا رحمة ،ليس هناك تفرقة بين صالح وطالح ،غني او فقير ،صغير اوكبير ،بل ان التلاميذ الصغارلا ينجون من ذلك ،فالمطوعون يطرحونهم ارضا او في الطريق العام ويجلدونهم بلا أي تمييز )[4].

4 ــ ومن الممكن ان يصل الامر الي القتل ،وتجد البندقية عملها والي هذا اشار حافظ وهبة وهو يقول (فكل ما يعتقده الاخ منكرا يزيله بنفسة او ببندقيته ..)وقد حكي الزركلي واقعة شهدها بنفسه عن احد الاخوان التقي في البادية برجل من عشيرة الغضاروة وهي من فرع عنزة ولم ير علي رأسة العمامة الخاصة بالاخوان ،فعلم الاخواني انه ما زال في الجهالة فأخرج له من جيبه كتاب العقائد ودعاه الي ان يذهب الي القرية ليتعلم امور الديانة ،فأجابه الغضاروي جوابا خشنا وامتنع عن الذهاب ،فصوب الاخواني بندقيته الي صدره ،فقال الغضاروي :اذهب الي القرية واجدد اسلامي ،ولكن الاخواني استرسل في غضبه فاطلق عليه الرصاص فقتله )[5].

5 ــ وتعرض لعقوبات الاخوان كل من يشرب الدخان ،والنسوة اللاتي يلبسن ثيابا مصنوعة من الحرير ،والذين لا يلتزمون بالصلاة في موعدها ،او لا يلتزمون بصيام رمضان ،وحدث في 10/4/1920 في مدينة الهفوف ان كانت شقيقة زوجة ابن جلوي ترتدي ثوبا من الحرير زاهي اللون اثناء زيارة اختها بالمدينة ،فقام احد الاخوان الذي كان عند بوابة المنزل بضرب الفتاة ضربا مبرحا ،فما كان من ابن جلوي الا ان حاصر جميع الاخوان اصدقاء ذلك الرجل وصادر ابلهم وجلد الرجل المعتدي . وفي يوم 14/4/1920 شاهد الاخوان في القطيف فتاة شيعية ترتدي اعتبروها ملابس خليعة ،فأوسعوها ضربا ،وتدخل اقارب تلك الفتاة لحمايتها ، واعقب ذلك قيام مظاهرة احتجاج فقام ابن جلوي بحبس ثلاثين من الاخوان  في السجن.  وحضر بعض الاخوان الى مدينة الجبيل لشراء بعض الارز فاعترضوا رجلا له شارب طويل ولم يكن ملتحيا فامسكوا بالرجل وحلقوا شاربه ،وتدخل اهل المدينة واشتبكوا مع الاخوان،وقتلوا منهم إثنين .  وهذه المعارضة للاخوان كانت كلها في الاحساء متشجعة بأميرها ابن جلوي ،ولاحظ احد المراقبين الانجليز ان اعدادا كبيرة من البدو في الكويت بدأت تلتزم بالعمامة التى يرتديها الاخوان خوفا من إرهاب الاخوان ،ويشربون السجائر خلسة وسرا [6] أي ان إرهاب الاخوان وصل الى الكويت.

6 ــ ومن الطبيعى ان يتطور الامر من التدخل في حرية الافراد الي التدخل في شئون الدولة ، لأن من يخول لنفسه سلطة علي الاخرين يقوم بتطوير سلطته طالما يتراجع امامه الاخرون داخل الحكومة وخارجها ،وقد رأينا حافظ وهبة بعد ان تحدث عن تسلط  الاخوان علي الافراد في حلق شواربهم وتقطيع ثيابهم يقول عن الملك عبد العزيز انه كان يغض عن آذاهم ويحتمل نقدهم .ولذلك وصل تطرفهم في ازالة المنكر الي الملك نفسه فانتشرت رواية تقول ان فيصل الدويش قام بقص ثوب عبد العزيز نفسه لأنه جاوز الكعبين،وبالطبع كان للحادثة اثرها الدعائي عن تقوي الدويش ورفاهية الملك بن سعود ،وشجاعة الدويش في قول الحق عند امام طال ثوبه حتي جاوز الكعبين ..( وما جاوز الكعبين في النار) [7]

7 ــ وازالة المنكر اصبحت بندا من بنود تحدي الاخوان للحكومة ومعارضتها ،خصوصا في موضوع التلغراف، فقد منعوا الملك من استخدام التلغراف خلال حرب الحجاز ،وفي اثناء حصار جدة لم يستطع الملك ان يمد التلغراف من مكة الي معسكره ،واضطر الي الغاء تلغراف المدينة سنة 1926 ،وكان الاخوان  يقطعون اسلاك التليفون لأنه منكر يجب ازالته ،وهذا يعني اتهام الدولة وتحديها [8] ويكرر حافظ وهبة نفس الموضوع ويحاول الدفاع عن عبد العزيز في صبره علي الاخوان وتحديهم له ،يقول (وفي سنة 1926 اضطر جلالة الملك ان ينزل علي رأيهم في ايقاف تلغراف المدينة اللاسلكي وهدم بعض المساجد المقامة علي القبور،لأنه لم يكن يسعه غير ذلك ،والحكمة كانت تقتضي ذلك ،فهو لا يقف امام التيار ،بل يتركه يسير بطبيعتة ،ثم بعد ان تهدأ العاصفة يعمل فكره لضرب خصومه في الظروف المناسبة )[9] .

8 ـ ــ وبلغت ازالة المنكر اوجها بهدف المزايدة السياسية والدينية علي (الملك الامام ) عبد العزيز. واثناء عقد الجمعية العمومية او المؤتمر العام بالرياض سنة 1928 سيطر الاخوان علي شوارع المدينة في الرياض ،وعزلوا السلطة الرسمية ،ولم يكن الاخوان علي استعداد للمساومة ،وحول ابن بجاد اسمه الي سلطان الدين ومشى اتباعه في شوارع الرياض يتباهون قائلين (قام سلطان جديد في سبيل العقيدة ) ،مما صدم مشاعر اهل مدينة الرياض وقالوا لهم :انتم تدعون انكم مسلمون مؤمنون ولكن الاسلام ينهي عن الكبرياء ،فكانوا يردون : المسلم القوي خير من المسلم الضعيف . ولم يكن مألوفا رؤية جماعات كبيرة من الاخوان المسلحين داخل وخارج الرياض يستعرضون علنا قوتهم ويعلنون عدم اعترافهم بسلطة الملك ،واصبح نفوذهم يحسه كل فرد في المملكة في حياته الخاصة ،حتي رئيس الديوان نفسه جلدوه علنا لمجرد الشك في انه لم يحضر صلاة الجماعة ، و ارادوا جلد الزعيم الاسلامي الكبير السيد احمد السنوسي لأنه اعترض علي هدم قبر السيدة خديجة ،ولكن الملك منعهم، وكانت جماعات الاخوان تطوف في الشوارع كبوليس ديني ذاتي ،ويضربون أي شخص لا يخضع لتعليماتهم [10]

وهكذا يتضاعف المنكر المفروض ازالته شيئا فشيئا ، .يبدأ من المظهر الشكلي للافراد وينتهي بأن يكون المنكر هو الحاكم نفسه الذي اقام اولئك الناس / فلا يلبث أن يصبح الحاكم ونظامه منكرا يجب ازالته  .

ثانيا : التطرف مع الخارج :الجهاد للاكراه في الدين :

1 ــ في بداية نشأتهم شارك الاخوان في ضم الاحساء بكل ما فيها من ثروة يملكها ــ أو كان يملكها ــ سكانها الشيعة. و في مرحلة الحرب من اجل ضم الاحساء كان الامر بالنسبة للاخوان جهادا ،وبعد ضم الاحساء اصبح الشيعة فيها مشكلة للاخوان ،اذ يجب اكراههم علي الدخول في الوهابية أو ( الاسلام ) بزعمهم . وسبق ان تعرضنا لمطلب الاخوان والعلماء في الزام الملك عبد العزيز باكراه (الرافضة )او شيعة الاحساء علي ( الدخول في الاسلام او طردهم من بلاد المسلمين ) ، وهنا يبدو الارتباط بين الجهاد وازالة المنكر ،ففي مرحلة الجهاد كانت الاحساء هي البلد الاصلية للمقيمين فيها ومنهم الشيعة ،وبعد الانتصار أصبحت الاحساء بلد المنتصرين ،وصار الشيعة اهل البلد الاصليين منكرا يجب ازالته او طرده اذا لم يدخلوا في الدين الوهابي .ونفس الحال مع الحجاز ، اذ بعد ضمه بدأوا في ارغام اهله علي اقامة شعائر الدين الوهابى ،وهدم المساجد المقامة علي القبور المقدسة .  بل تعدي هذا الي الوهابيين في الحضر والبدو ،والذين سبقوا الاخوان في الانخراط في الدعوة ولكن لم يهاجروا الي الهجر ،اعتقد الاخوان بوجوب (جهادهم ) لأنهم لم يلتزموا بكل السمات الاخوانية .

2 ــ وكان الاخوان يرسلون الي غيرهم رسائل تدعوهم الي الايمان بالوهابية والانخراط في سلك الاخوان وان لم يؤمنوا يكون القتل جزاءهم ،وكانت هذه الدعوات صريحة فى الارهاب والتهديد ، وفى لُغة موجزة ومحكمة . الملفت للنظر أنهم قرأوا فى السيرة المكتوبة فى العصر العباسى كيف كانت رسائل النبى عليه السلام للزعماء والحكام من حوله مجرد دعوات سلمية بالحكمة والموعظة الحسنة وفيها يتحمل الزعيم مسئولية قومه امام الله تعالي يوم القيامة .  أما الاخوان فكانوا  يرسلون رسائل تهديد بالقتل ،وكانوا ينفذون حكم الاعدام فيمن لا يستجيب ،وقد اورد جون حبيب ضمن وثائقه بعض هذه الرسائل (بسم الله الرحمن الرحيم :من ثياب الدهاس الي محمد العبود / السلام علي من اتبع الهدي ..نتعهد لك بالامن وكل من سينضم الينا يحظي برضي الله وتسلم ايضا عائلته وممتلكاته ،ان من ينضمون الينا سيسلمون انفسهم الي الله وينعمون بحماية السلطان بن حميد (ابن بجاد)والاخوان ) (بسم الله الرحمن الرحيم :من ثياب الدهاس الي مسفر بن سمر ابن الدهاسي :قبل كل شئ نحن نضمن لكم الامن جميعا ذكورا واناثا ،ان من ينضم الينا يأمن علي ممتلكاته واسرته ويسلم نفسه لله ويلتزم السلطان بن حميد والاخوان بحمايته ، وانت ايها المسفر وايها الشايلي اذا دخلتما في الاسلام سوف تحصلون علي ابلكما  بالسلام مع الله )(بسم الله الرحمن الرحيم :من ثياب الدهاسي الي الدهاسيين :نحن ندعوكم في الدخول الي الاسلام ومن ينضم (الينا )  منكم سيكون في حمي الله ،وسيسلم نفسه له ويتمتع بحماية السلطان و الاخوان ).[11]

3 ـــ وبنفس الطريقة حاول الاخوان ضم الكويت وارغام اهله علي الدخول في الوهابية ،وكان ذلك في 11/10/1920 . وعندما حاصر فيصل الدويش امير الكويت طالبه بالاسلام ومنع التدخين ،وقد اتبع شيخ الكويت سالم بن مبارك الصباح اسلوب التقية فقال (وهل من يرفض هذه النصيحة الا الاحمق ،اني والله منكم ولكن امهلوني يومين) ،ثم استنجد بالانجليز فانقذوه، وشعر فيصل الدويش بأنه وقع ضحية خداع فكتب لشيخ الكويت (اما بعد فمن يوم جاءنا ابن سليمان يقول انك عاهدته علي الاسلام والمتابعة لا لمجرد الدعوة والامتثال كففنا عن قصدك ..وامرنا برد جيش ابن سعود علي امل ان ندرك فيك المقصود، فلما علمنا انك خدعتنا امنا بالله وتوكلنا عليه ..) ويذكر الريحاني ان الاخوان فقدوا الكثير من رجالهم في حرب الكويت ولكن لم يأبهوا بذلك اذ كانوا يجدون في اعتناق الكويت للدعوة امرا لا يدانيه شئ اخر [12].

4 ـــ وتحولت فريضة الجهاد الوهابية  التي يعتنقها الاخوان الي اهم موضوع للمعارضة مع عبد العزيز عندما ارتبط الجهاد برغبة الاخوان في التوسع شمالا نحو العراق بمثل ما اعتاده اسلافهم فى عصر الصحابة . إن شبه الجزيرة العربية تحيط بها البحار من كل الجهات فيما عدا الشمال حيث تنتهي الصحراء بالرافدين والاراضي الخصبة في سوريا والعراق، وبالتالي فان الطبيعة الجغرافية والتاريخية، ان يتوسع العرب خصوصا عبر نجد الي الوديان الخصبة شمالا ،بينما ينساح العرب المطلون علي السواحل في اليمن وعمان والخليج عبر البحر الي سواحل اسيا ،واذا وجد العرب الصحراويون في شمال الجزيرة دعوة دينية تسوغ لهم ذلك التوسع اصبح جهادا لا سبيل الي وقفه الا بقدرة سياسية وحربية قاهرة ، وقد تمثلت هذه القوة في انجلترا في عهد عبد العزيز ، ولولا تخطيطها للحدود واقامتها للحصون لمنع اغارات الاخوان ،ولولا وقوف عبد العزيز ضد  رغبة الاخوان في التوسع ،لولا ذلك كله لكرر الاخوان تاريخ القرامطة في العصور الوسطي باسم الفتح الاسلامي .ومن هنا كان اقامة حصن بسية هو مسمار النعش في ولاء الاخوان  لعبد العزيز .

5 ــ لقد كان من مصلحة عبد العزيز ان يضم إليه العراق وشرق الاردن حيث يسيطر عليهما خصومه الاشراف من ابناء الشريف حسين ، ولكنه ادرك حقائق العصر وخضع لها لكي يضمن البقاء لدولته، وضحي في سبيل ذلك بالاخوان.  ومن هنا تطور موقف عبد العزيز من الرضا بغارات الاخوان الي التغاضي عنها ،الي استنكارها ،ثم الي الحزم في منعها .كل ذلك حسب موقف رد الفعل لدي الانجليز. وقد ادرك الانجليز في النهاية اهمية الوقوف بحزم ضد الغارات وتحصين الحدود فتوقفت احلام عبد العزيز عند هذا الحد ولكن لم تتوقف احلام الاخوان ، يقول حافظ وهبة ( يجب ان نقرر هنا للحقيقة انه فيما عدي حادثة تربة 1919 والتي ابيدت فيها قوات الشريف حسين لم يكن للملك ابن سعود يد ظاهرة في هذه الحوادث، وما كان يستطيع ان يمنعها الا بثورة اهلية ،ولكن طبيعة التطور الاخير في البادية وانتقال الاخوان من البادية الي سكنى الهجر ادي الي تشربهم بروح الدين ( الوهابى ) والتعصب ضد كل من خالفهم وبالاخص المجاورين لهم ، والملك ابن سعود وان لم يكن يرغب في الاعتداءات علي البلاد المجاورة المشمولة بالنفوذ الانجليزي ،او يشجع عليها ،فانه لم يكن يكره ذلك، فما دام الاخوان يدحضون شوكة الاعداء ويعودون سالمين بالغنائم ،وما دام الاعداء يسعون للقضاء عليهم وعلي دعواه فلا بأس من تركهم والاخوان يتصارعون)، الي ان يقول وهبة (لقد كان الملك ابن سعود ينصح الاخوان من وقت لأخر بالكف عن اذي الحكومات المجاورة والركون الي السلم ،ولكن نصحه لم يكن ليلقي اذنا صاغية من الاخوان ،،كانوا يقولون :يا للعجب يا للعجب !! اليسوا كفارا !!اليسوا محاربين لنا !!فما بال ابن سعود يأمرنا بالكف عنهم؟ وماله ومالنا ؟ اننا نقوم بفريضة الجهاد ،فمن عاش رجع غانما ،ومن مات لقي ربه شهيدا وهو عنه راض )[13].

6 ــ ولو افترضنا ان الاخوان قد ضموا العراق فان ازالة المنكر أي خصومهم في العقيدة ستكون لازمة، ولكن عندما منعهم عبد العزيز من الغزو توجهت قوتهم الحربية لتتفجر في الداخل تحت عباءة عبد العزيز، ولعل ادق ما يعبر عن عقلية الاخوان ورؤيتهم للغزو ما قاله فيصل الدويش لعبد العزيز يحتج عليه بعد الجمعية العمومية الرياض 1928 ،وقبل معركة السبلة ،قال (لقد منعتي ايضا من غزو البدو ،وعليه فنحن لسنا مسلمين نحارب الكفار ولا عرب وبدو يغزو بعضنا بعضا ،ونعيش علي ما يحصل عليه بعضنا من البعض الاخر )[14]. أى إن طبيعتهم وطريقة معاشهم فى الغارات والسلب ، إما بالطريقة البدوية ( العلمانية ) التى لا تتطرف الى القتل ، وإما بمُسوّغ دينى يجعل القتل والسلب والنهب والسبى جهادا . ومن أسف أن الاخوان النجديين إنتقلوا الى سطور التاريخ ولكن الدين الوهابى بجهاده هذا لا يزال سائدا ومنتشرا ، ويحظى أربابه بأوصاف منها ( الجهاديون ) ( الاسلاميون ) و ( الحركة الاسلامية ) . وهذا التطور والانتشار صنعه عبد العزيز عن طريق الاخوان المسلمين المصريين .

الهوامش

 

3- وهبة :المرجع السابق:288،289.

4-حبيب: المرجع السابق :200:199.

5- الزركلي :المرجع السابق :362.

6- حبيب :المرجع السابق:84:80.

7- كشك :السعوديون والحل الاسلامي :629.

8- كشك :المرجع السابق :623.

9- وهبة :المرجع السابق :290.

10- كشك :المرجع السابق 628.

11- حبيب:المرجع السابق   86:85.

12- الريحاني :تاريخ نجد الحديث :276:274.

      الرشيد (عبد العزيز )تاريخ الكويت :219،222.

13- وهبة: المرجع السابق:246:245.

14- حبيب: المرجع السابق:223 .

اجمالي القراءات 10098

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٠٤ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[75041]

ماا أشبه اليوم بالبارحة


السلام عليكم ، كل عام وأنتم بخير ،ما أشبه ما كان يقوم به الأخوان في عهد الملك الإمام (بحسب رأيهم ) بما فعله الخوارج من رفضهم في بدايه الأمر للتحكيم، ثم تطور هذا الرفض ليصبح خروجا على علي .. والتبرؤ منه وقتله  وهما يتشابهان كذلك في طابع القتل وسفك الدماء، وإلباس كل ما يقومون به من جرائم ثوبا إسلاميا . فما أشبه اليوم بالبارحة ...



.. 



2   تعليق بواسطة   شريف علي     في   الجمعة ١١ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[75120]

فلتكن غابه


من راي منكم منكرا فليغيره فماذا بعد هذه الكلمات الا ما نراه في بلادنا من قتل وسفك للدماء فشعوبنا تنساق ورا هذه الكلمات وكل منهم يريد تغيير المنكر بيده حتي اصبحت بلادنا غابه لا تسمع عنها الا العنف والقتل والدماء



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,686,745
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي