آحمد صبحي منصور Ýí 2013-08-18
أولا : لمحة تاريخية عن مساجد الضرار
1 ـ فى عهد النبى عليه السلام كانت خطبة الجمعة قراءة للقرآن ، ولذلك لا توجد خطبة للنبى لأى صلاة جمعة ، مع إنه عليه السلام صلى الجمعة فى المدينة أكثر من 500 مرة . الأمويون إشتهروا بتأخير الصلاة عن مواقيتها ،وسيأتى تفصيل ذلك بعون جل وعلا فى الجزء الثانى من كتاب ( الصلاة بين الاسلام والمسلمين ) ، ولكن الأخطر أن الأمويين إستخدموا الصلاة والمسجد فى تدعيم سلطتهم السياسية وفق ما إعتادته قريش فى جاهليتها . تحولت خطبة الجمعة فى العصر الأموى الى منشور سياسى يتم فيه لعن ( على بن أبى طالب) والدعاء عليه فى الخطبة ، ثم يقوم القُصّاص بالقاء درس يخلط فيه الخرافة بالأحاديث بالدعوة لبنى أمية ولعن أبى تراب ( على بن أبى طالب ) وتمجيد معاوية . ووصل لنا من هذا الهراء قولهم بأن معاوية كان من كُتّاب الوحى ، مع إن معاوية أسلم فى فتح مكة ولبث فيها مع أبيه بعيدا عن النبى الى أن مات النبى بعدها بقليل، فمتى وجد وقتا ليصحب النبى ويكتب الوحى ؟ . قام العباسيون بتدمير الدولة الأموية وإنشاء دولة دينية مكتملة الاركان فى العصر العباسى ، وفيه إصبحت المساجد ذات صبغة ايدلوجية سنية أو شيعية أو صوفية ، أى تحولت الى مساجد ضرار حقيقية . بل وتطور الصراع السّنى الشيعى فى بغداد فى العصر العباسى الثانى لتلعب فيه المساجد دورا تخريبيا ، سنعرض لملامح منه فى بحثنا عن انتهاك المسلمين للأشهر الحرم فى كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين . وفى مصر أنشأ الفاطميون مساجد ضرار لنشر التشيع كان أشهرها ـ ولا يزال ـ الجامع الأزهر .
2 ـ وفى النهاية صارت سُنّة متعارفا عليها أن يتم إستخدام المسجد فى أغراض سياسية أو نفعية ، وقد تتطور الى جعله مركزا إرهابيا حربيا ينشر القتل والخراب . وأصبحت الدعوة للسلطان الحاكم بالنصر تقليدا للمساجد الرسمية، بينما يقيم المعارضون السريون مساجد لهم يتآمرون فيها على السلطان ، أو ينشرون فيها سرا عقائدهم إن كانت ضد الدين الأرضى السائد . وهذا ما إتبعه الشيعة فى معظم فصول تاريخهم ، حيث إحترفوا التقية ، وهذا أيضا ما فعله الصوفية فى الوقت الذى سيطر فيه الحنابلة على العصر العباسى الثانى . والمضحك أن خطباء المساجد ظلوا قرونا يدعون بالنصر للسلطان على الكفرة ، ويهتفون : " اللهم إجعل أموالهم ونساءهم غنيمة للمسلمين " ، فى الوقت الذى كان فيه الاستعمار الأوربى يحتل معظم بلاد المسلمين . أى إن دعواتهم فى مساجدهم الضرار غير مستجابة ، ولا تزال ، بدليل أنه الآن مع وجود ملايين المساجد الضرار فى بلاد المسلمين فى العالم وصلواتهم الجمعة فيها خلال قرون ، ودعائهم لله جل وعلا فى خطب الجمعة ، فلا يزال المسلمون شرّ أمّة أخرجت للناس ، لأنهم بمساجدهم الضرار يحاربون الله جل وعلا ورسوله .
3 ـ وعندما إستولى عبد العزيز آل سعود على الأحساء ( المنطقة الشرقية حيث البترول الآن ) وأهلها شيعة فإن شيوخ الوهابية أصدروا أمرا لعبد العزيز بمنع أهل الأحساء من الصلاة فى مساجدهم وإلزامهم بالحضور فى مساجد الوهابية ، ومنعهم من إقامة شعائرهم الشيعية . هذا ، وقد أنشأ عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الراهنة مراكز مسلحة عُرفت بالهُجر ، وكانت مثل قرى صحراوية عسكرية يتشرب فيها شباب البدو تعاليم الوهابية ، ويتدربون على الحرب ، وكان المسجد يتوسط ميدان القرية ، وفيه الأسلحة ، وهو المركز الحربى للإعداد والتخطيط والتوجيه والحشد ، وكانت تأدية الصلاة بطابع عسكرى ، يجعل قتل الآخرين غير الوهابيين جهادا ، سواء كان من الأطفال أو النساء ، وقد إشتهر ( إخوان عبد العزيز ) بوحشية غير مسبوقة فى تاريخ المسلمين فى إستئصال المعارضين لهم وفى قتل الأبرياء من القرويين فى الشام والعراق فى هجمات ( جهادية ) قضى فيها الإخوان الوهابيون السعوديون على حوالى نصف مليون خلال عقدين من الزمان ( 1914 : 1930 ) . كانوا يقتلون بكل حماس الأطفال والنساء والفلاحين الأبرياء ، فى تاريخ مسكوت عنه . وفعلوا مثل ذلك فى تأسيس الدولة السعودية الأولى ، وإفتخر به مؤرخوهم وقتها . وهذه الوحشية فى قتل الأبرياء بزعم الجهاد مرجعها الى التربية الدينية الوهابية فى مساجد الضرار ، والتى تجعلهم يقترفون أكبر الكبائر وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا . .
4 ـ ومنذ سنوات إقتحمت الشرطة الباكستانية مسجدا لوهابيين أكثر تطرفا من التطرف الوهابى السائد فى ربوع باكستان . وهذه يؤكّد حقيقة ثابتة ، أن الوهابيين لو وصلوا للحكم فسيختلفون ويتقاتلون ، وتصير مساجدهم مراكز للقتال . حدث هذا مع عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الراهنة ، فالاخوان النجديون المُشار اليهم هم الذين أسسوا له دولته ، ثم إختلفوا معه وتزعمهم فيصل الدويش وابن بجاد وضيدان بن حثيلين ، ثم إنشقوا عنه وحاربوه وقضى عليهم فى معركة السبلة 1929 / 1930 . وفى معارضتهم له وحروبهم ضده إستخدموا مساجدهم ضده يعلنون كفره ، وإستخدم هو مساجده ضدهم يؤكد كفرهم . وفى مطلع القرن الهجرى الحالى عام 1979 قام وهابى متطرف هو جهيمان العتيبى باحتلال المسجد الحرام وإتخاذ الموجودين فيه رهائن ، ولم يستطع السعوديون القضاء عليه إلا بمجزرة حول الكعبة ، سكت عنها العالم . وسنعرض لهذا بالتفصيل فى بحث قادم .
5 ـ ولو أسّس الاخوان الوهابيون لهم حُكما فى مصر فلا بد أن يحدث بينهم إنشقاق وحروب ، تلعب فيها المساجد الدور الأساس فى تحويل مصر الى حمامات دم . إنّ إنتشار الوهابية فى الشرق الأوسط جعل إستخدام مساجد الضرار سوقا رائجة ، وهى تمارس دورها الدامى حاليا فى العراق وسوريا ، ثم جاء الدور على مصر لنكتشف أن الاخوان والسلفيين قد نجحوا خلال أربعين عاما فى تأسيس مئات الألوف من المساجد ، وفى السيطرة على المساجد الشهيرة والمنشأة من قبل ، والأهم أنهم نجحوا فى تحويلها الى مراكز دعوية للوهابية ،فأصبح سهلا عليهم أن يستخدموها فى إعتصاماتهم ومراكز لحشد أنصارهم ، وللتخطيط للقتل والتعذيب والتآمر السياسى والعمل العسكرى . إنفجر كل هذا مرة واحدة فى وجه المصريين المعروف عنهم ( من قبل ) المسالمة والابتعاد عما يُسمّى بالعنف . بسبب الوهابية تغير كثير من المصريين الآن ، صار البعض يحترف البلطجة ( العلمانية ) ، وإختار البعض الآخر ( البلطجة الدينية ) بالوهابية وتحت زعم الجهاد ، ويكفى أن يعتكف عدة اشهر فى مسجد ليصبح من ( أبناء لادن ) . تخيل لو لم يقم المصريون بإسقاط حكم الاخوان ، ماذا كان سيحدث لمصر بعد أربعة أعوام ؟ .. هذه الثورة المصرية تستلزم إصلاحا ثوريا للمساجد .
ثانيا : الاصلاح الثورى للمساجد :
1 ـ وقف إنشاء أى مساجد جديدة ، فالموجود يكفى ويزيد عن الحاجة . والمطلوب الان هو إصلاح المساجد القائمة ، وتحويلها من مساجد ضرار الى مساجد للإصلاح . وهذا بالإشراف التام لوزارة الأوقاف على جميع المساجد الحكومية والأهلية فيما يخص التبرعات والشئون المالية ، وأنشطة المسجد الاقتصادية والاجتماعية ، وفى تعيين ومراقبة ومحاسبة وعزل الدعاة .
2 ـ إلزام دعاة المساجد بدورات تدريبية وإعادة تأهيل ، ومن ينجح فيها يستمر فى وظيفته ، ومن يرسب أو يرفض يتم عزله فورا .
3 ـ إلزام دعاة المساجد بخطة دعوة محددة المعالم فى خطب الجمعة والدروس الدينية . وتشرف الوزارة على تنفيذها بكل حزم ، وتعزل من لا يلتزم بها . وتركّز الدعوة الاصلاحية على القرآن الكريم وحده ، بأن تدور خطبة الجمعة على آيات قرآنية من أوامر ونواهى ووصايا وتشريعات وقصص فى مجالات العقيدة والأخلاق.ويتم تقسيمها على عدد ( 52 )خطبة للجمعة فى السنة . وعدد ( 52 ) درسا فى العام .
4 ـ تشمل مجالات الاصلاح :
4 / 1 : التعريف بلا اله إلا الله ، من حيث إخلاص الدين لله جل وعلا فى تقديسه وحده والتوسل به وحده وطلب المدد منه وحده وعبادته وحده . وأنه لا تقديس لأى مخلوق من أنبياء وصحابة وأولياء مع الله جل وعلا ، وأن الله جل وعلا هو وحده الولى والشفيع والنصير والوكيل ، وأن شهادة الاسلام واحدة ( لا إله إلا الله ) ويحرم التفريق بين الرسل ، بل الايمان بهم جميعا ، والايمان بالكتب السماوية جميعا وفق ما تأكّد وتكرّر فى مئات الآيات القرآنية .
4 / 2 : التعريف بمعنى الايمان باليوم الآخر عقيديا: بأن الله جل وعلا هو وحده مالك يوم الدين، ولا مُعقّب لحكمه، وأن يوم الدين هو العدل المطلق فلا تشفع نفس لنفس ولا تجزى نفس عن نفس. والتعريف به سلوكيا : بأن نتعلم تقوى الله جل وعلا فى حياتنا الدنيا تحسبا ليوم الحساب ، فلا نظلم ولا ننافق ولا نرائى ، ولا نستغل الدين للحصول على حُطام دنيوى زائل يترتب عليه خلودنا فى النار .
4 / 3 : التعريف بالتقوى الاسلامية ، عقيديا بإخلاص الدين لله جل وعلا وحده ، والتعامل معه جل وعلا مباشرة بلا واسطة ، وسلوكيا بحّسن الخلق مع الناس .
4 / 4 : نشر وتعليم الجانب الأخلاقى فى القرآن الكريم فى التعامل بالحُسنى مع الناس ، فى العدل والقسط والاحسان والتسامح والرحمة والسلام والتيسير والتخفيف والرأفة والكرم والشجاعة ورعاية الوالدين واليتامى والمحتاجين وابن السبيل والجيران وأولى القربى ، والدفاع عن المظلومين ، وقول كلمة الحق، والأمانة والوفاء بالعهد والوعد وحفظ الحقوق والوقوف ضد الظلم والبغى والاستبداد والإكراه فى الدين وإستغلال الدين فى الحصول على مطامع دنيوية سياسية أو إقتصادية . وأنّ الذى يقتل الأبرياء باسم الدين هو الأكثر عداءا لله جل وعلا ورسوله ولدين الاسلام ، دين السلام والعدل والحرية.
4 / 5 ـ التعريف بمفاهيم القرآن الأصلية : مثل : معنى الاسلام عقيديا ( إسلام القلب لله جل وعلا ) وهذا مؤجل الحكم عليه لله جل وعلا وحده يوم القيامة . والاسلام سلوكيا هو ( السلام ) ، فكل إنسان مسالم هو مسلم بغض النظر عن ملته ودينه وإعتقاده . المهم لنا هو أنه مسالم فى سلوكه ويسلم الناس من إذاه ، وهذا لنا الحكم عليه حسب الظاهر من السلوك . معنى الايمان عقيديا هو الايمان قلبيا بالله جل وعلا وحده ألاها لا شريك معه فى الالوهية ، ولم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . ولله جل وعلا وحده يوم القيامة الحكم على هذا الايمان القلبى وما يتبعه من عبادات. ولا شأن لنا بهذا.ومعنى الايمان سلوكيا هو(الأمن ) ، فالمؤمن سلوكيا هو المأمون الجانب ، الذى يأتمنه الناس لأنه لا يعتدى على أحد ، ولنا الحكم على هذا السلوك الظاهرى . وعلى النقيض من ذلك يأتى معنى الكفر والشرك ، فهما معا فى الاعتقاد بمعنى إتخاذ شريك مع الله فى الالوهية . وهذه ناحية يرجع الحكم فيها لله جل وعلا يوم القيامة ، ولا شأن لنا بالتدخل فيها . الذى لنا التدخل فيه بالمنع والمواجهة والمقاومة هو الكفر والشرك بالمعنى السلوكى ، أى إستغلال دين الله فى القتل والسلب والنهب والزنا ، والظلم والاستبداد ، وفى الوصول للثروة والسلطة . وبالتالى فكل المسالمين مسلمون مهما إختلفت عقائدهم ، وكل من يستغل الدين فى الظلم والبغى هم الكافرون المشركون ، ويجب الوقوف ضد ظلمهم وبغيهم . وشرح معنى ( السّنة ) يعنى الشرع الالهى والمنهاج الالهى فى التعامل مع المشركين ، ومعنى طاعة الله ورسوله ، أى طاعة القرآن الكريم ، اى الرسالة الباقية بعد موت الرسول محمد عليه السلام . وهكذا بقية المفاهيم القرآنية ، لتخليصها من سوء الفهم التراثى لها .
4 / 6 : التنبيه فى كل خطبة على أن دور الداعية فى مساجد الله هو النصيحة والوعظ بما جاء فى كتاب الله ( القرآن الكريم )، دون إكراه فى الدين ، وأن مسئوليته تنتهى بقول كلمة الحق ، وكل إنسان مسئول عن نفسه ، إذا إهتدى فلنفسه ، وإن ضلّ فعلى نفسه .
4 / 7 : التأكيد على الحقيقة القرآنية بأن (الدين لله ) جل وعلا يحكم به على البشر جميعا يوم القيامة ، وأن ( الوطن للجميع ) على قدم المساواة .
أخيرا : أصدق الحديث : ( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18) ( التوبة )
قد تعجب أخى العزيز حين تعرف أننى كتبت خاتمة هذا البحث قبل أن أنتهى منه . لماذا كتبته الخاتمة مبكرا ؟؟ لأن فيه الاجابة لسؤالك .. أعرف إستحالة تطبيق الاصلاح الذى أطالب به . والسبب كما قلت من قبل وكما سأقول فى الخاتمة ، هو أن الاخوان وأعداء الاخوان يؤمنون معا بنفس الدين الأرضى ، وبدرجات متفاوتة . وأن الخلاف بينهما سياسى كمثل الخلاف بين الاخوان والسعوديين . والجميع ضد ما نؤمن به وهو الاسلام القرآنى الحقيقى . ومع إن الاصلاح تكلفته قليلة ومع إن عدم الاصلاح يعنى حمامات دم قادمة فإن رفض الاصلاح هو الأسهل ، لأن الصراع هنا على الهيمنة والسلطة والحُطام الدنيوى . إذن يأتى السؤال : لماذا أكتب إذن وانا موقن أننى أؤذن فى مالطة ؟ الجواب : أكتب لإبراء الذمة ، ولتسجيل موقف أمام هذا العصر والعصر القادم . أكتب لكى أكون شاهدا على هذا العصر الردىء . بهذا أكون قد كتبت لك أهم ما فى خاتمة البحث . وشكرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك دكتور احمد على هذا الموضوع الهام
نحن في المجتمعات الإسلامية نمتلك منبراً إعلاميا غاية في القوة والرقي وهذا من مميزات الدين الإسلامي الحنيف الذي ميزنا بالعديد من المعارف والأشياء عن أمم أخرى -- فلوا يعلم الغربيون أهمية خطبة الجمعة لاتخذوها كفكرة جديدة لديهم يعملون بها على زرع كل القيم التي تتناسب مع ثقافاتهم وأديانهم ومصالحهم الدنيوية وحل العديد من مشكلاتهم الاجتماعية المعقدة حتى وان كانت لاتصلح إلا في ظل منظومة أسلامية متكاملة --- في حين نقف نحن أمام هذا المنبر الهام دون أن نقدروا أهميته ودوره الحقيقي في حياة المجتمع , فمن خلال الخطبة في المسجد يمكن تعزيز عقيدة الإيمان بالله عند الناس بشكل صحيح لكي ينعكس بالتالي على حسن التطبيق والتعامل مع الدين الإسلامي وبشكل أكثر وضوح -------- بدل الإيمان الشكلي والظاهري لدى الكثيرين --- كما يمكن من خلال الخطبة أن يزرع الوعي في عقول الناس بدل التلقين الممل والذي يحاكي في حقيقته رياض الأطفال --- بل ويمكن أيضا من خلال خطبة الجمعة معالجة قضية وهي من أكبر قضايا المجتمع اليوم وهي ضياع العديد من القيم الاجتماعية والدينية والإنسانية بشكل عام والتي أفقدت المعايير اتزانها وصدقيتها وتركت فراغاً كبيراً لدخول القيم المادية وقيم التطرف وقيم الكراهية بين بني البشر هذه القيم السلبية هي قيم العالم المادي والعلماني في كثير من مجتمعات الأرض -------- ونتيجة لذلك أصبح المجتمع الإسلامي يعاني أكثر من غيره من التناقضات الرهيبة وذلك لعدم وجود مرجعية قيمية تحدد معاني المفاهيم والتسميات للأشياء ---- ومن هنا يأتي دور خطبة الجمعة في حل مثل هذه القضايا المختلفة وبالتالي نجد أن ديننا الحنيف أبداً لم يأمرنا بالتقوقع والجمود بل يأمرنا بالبحث والتفكير والتطوير الدائم والمستمر هذا طبعاً خلافاً لأراء العديد من الفقهاء والمفتين الذين يرون أن يكون الإسلام اليوم هو صورة طبق الأصل عن الإسلام قبل ألف وأربعمائة سنة تقريباً ويرفضون أي نوع من التحديث والتجديد --- وتمشياً مع هذه الآراء المتشددة أصبحت الخطبة في المساجد اليوم (( صفير في وذن ميت )) لا أحد يستجيب لها إلا وهو واقع تحت تأثيرها المباشر والفوري ليتبدد كل شي مع أول فردة حذاء يلبسه وهو خارج من ذلك المسجد ---- والصحيح هو أن يتم تطوير خطبة الجمعة ورفع مستواها ودورها التوجيهي والتوعوي بشكل يتماشي وروح الإسلام التقدمية وذلك من حيث المضمون والأسلوب الخطابي والأهداف ------- فالعقل البشري ليس هو ذلك العقل قبل مئات السنين فتراكم المعارف المختلفة والاكتشافات العلمية المتعددة والأحداث التاريخية الكثيرة جعلت العقل البشري اليوم أكثر قدرة على فهم حقائق ومفاهيم أدق وأعمق --- وعلى هذا الأساس نجد أن وضع خطبة الجمعة في بؤرة الاهتمام في المجتمع الإسلامي وتطويرها ورفع مستوى معانيها ورفع كفأة الخطباء عقائدياً وفكرياً وعلمياً شيء لابد منه أذا أردنا أن نبني مجتمع مسلم وسليم.
1 ـ فى عهد النبى عليه السلام كانت خطبة الجمعة قراءة للقرآن ، ولذلك لا توجد خطبة للنبى لأى صلاة جمعة ، مع إنه عليه السلام صلى الجمعة فى المدينة أكثر من 500 مرة . الأمويون إشتهروا بتأخير الصلاة عن مواقيتها ،وسيأتى تفصيل ذلك بعون جل وعلا فى الجزء الثانى من كتاب ( الصلاة بين الاسلام والمسلمين ) ، ولكن الأخطر أن الأمويين إستخدموا الصلاة والمسجد فى تدعيم سلطتهم السياسية وفق ما إعتادته قريش فى جاهليتها . تحولت خطبة الجمعة فى العصر الأموى الى منشور سياسى يتم فيه لعن ( على بن أبى طالب) والدعاء عليه فى الخطبة ، ثم يقوم القُصّاص بالقاء درس يخلط فيه الخرافة بالأحاديث بالدعوة لبنى أمية ولعن أبى تراب ( على بن أبى طالب ) وتمجيد معاوية . ووصل لنا من هذا الهراء قولهم بأن معاوية كان من كُتّاب الوحى ، مع إن معاوية أسلم فى فتح مكة ولبث فيها مع أبيه بعيدا عن النبى الى أن مات النبى بعدها بقليل، فمتى وجد وقتا ليصحب النبى ويكتب الوحى ؟ . قام العباسيون بتدمير الدولة الأموية وإنشاء دولة دينية مكتملة الاركان فى العصر العباسى ، وفيه إصبحت المساجد ذات صبغة ايدلوجية سنية أو شيعية أو صوفية ، أى تحولت الى مساجد ضرار حقيقية . بل وتطور الصراع السّنى الشيعى فى بغداد فى العصر العباسى الثانى لتلعب فيه المساجد دورا تخريبيا ، سنعرض لملامح منه فى بحثنا عن انتهاك المسلمين للأشهر الحرم فى كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين . وفى مصر أنشأ الفاطميون مساجد ضرار لنشر التشيع كان أشهرها ـ ولا يزال ـ الجامع الأزهر .وفى النهاية صارت سُنّة متعارفا عليها أن يتم إستخدام المسجد فى أغراض سياسية أو نفعية ، وقد تتطور الى جعله مركزا إرهابيا حربيا ينشر القتل والخراب . وأصبحت الدعوة للسلطان الحاكم بالنصر تقليدا للمساجد الرسمية، بينما يقيم المعارضون السريون مساجد لهم يتآمرون فيها على السلطان ، أو ينشرون فيها سرا عقائدهم إن كانت ضد الدين الأرضى السائد . وهذا ما إتبعه الشيعة فى معظم فصول تاريخهم ، حيث إحترفوا التقية ، وهذا أيضا ما فعله الصوفية فى الوقت الذى سيطر فيه الحنابلة على العصر العباسى الثانى . والمضحك أن خطباء المساجد ظلوا قرونا يدعون بالنصر للسلطان على الكفرة ، ويهتفون : " اللهم إجعل أموالهم ونساءهم غنيمة للمسلمين " ، فى الوقت الذى كان فيه الاستعمار الأوربى يحتل معظم بلاد المسلمين . أى إن دعواتهم فى مساجدهم الضرار غير مستجابة ، ولا تزال ، بدليل أنه الآن مع وجود ملايين المساجد الضرار فى بلاد المسلمين فى العالم وصلواتهم الجمعة فيها خلال قرون ، ودعائهم لله جل وعلا فى خطب الجمعة ، فلا يزال المسلمون شرّ أمّة أخرجت للناس ، لأنهم بمساجدهم الضرار يحاربون الله جل وعلا ورسوله .
التعريف بلا اله إلا الله ، من حيث إخلاص الدين لله جل وعلا فى تقديسه وحده والتوسل به وحده وطلب المدد منه وحده وعبادته وحده . وأنه لا تقديس لأى مخلوق من أنبياء وصحابة وأولياء مع الله جل وعلا ، وأن الله جل وعلا هو وحده الولى والشفيع والنصير والوكيل ، وأن شهادة الاسلام واحدة ( لا إله إلا الله ) ويحرم التفريق بين الرسل ، بل الايمان بهم جميعا ، والايمان بالكتب السماوية جميعا وفق ما تأكّد وتكرّر فى مئات الآيات القرآنية .التعريف بمعنى الايمان باليوم الآخر عقيديا: بأن الله جل وعلا هو وحده مالك يوم الدين، ولا مُعقّب لحكمه، وأن يوم الدين هو العدل المطلق فلا تشفع نفس لنفس ولا تجزى نفس عن نفس. والتعريف به سلوكيا : بأن نتعلم تقوى الله جل وعلا فى حياتنا الدنيا تحسبا ليوم الحساب ، فلا نظلم ولا ننافق ولا نرائى ، ولا نستغل الدين للحصول على حُطام دنيوى زائل يترتب عليه خلودنا فى النار .التعريف بالتقوى الاسلامية ، عقيديا بإخلاص الدين لله جل وعلا وحده ، والتعامل معه جل وعلا مباشرة بلا واسطة ، وسلوكيا بحّسن الخلق مع الناس .: نشر وتعليم الجانب الأخلاقى فى القرآن الكريم فى التعامل بالحُسنى مع الناس ، فى العدل والقسط والاحسان والتسامح والرحمة والسلام والتيسير والتخفيف والرأفة والكرم والشجاعة ورعاية الوالدين واليتامى والمحتاجين وابن السبيل والجيران وأولى القربى ، والدفاع عن المظلومين ، وقول كلمة الحق، والأمانة والوفاء بالعهد والوعد وحفظ الحقوق والوقوف ضد الظلم والبغى والاستبداد والإكراه فى الدين وإستغلال الدين فى الحصول على مطامع دنيوية سياسية أو إقتصادية . وأنّ الذى يقتل الأبرياء باسم الدين هو الأكثر عداءا لله جل وعلا ورسوله ولدين الاسلام ، دين السلام والعدل والحرية. ـ التعريف بمفاهيم القرآن الأصلية : مثل : معنى الاسلام عقيديا ( إسلام القلب لله جل وعلا ) وهذا مؤجل الحكم عليه لله جل وعلا وحده يوم القيامة . والاسلام سلوكيا هو ( السلام ) ، فكل إنسان مسالم هو مسلم بغض النظر عن ملته ودينه وإعتقاده . المهم لنا هو أنه مسالم فى سلوكه ويسلم الناس من إذاه ، وهذا لنا الحكم عليه حسب الظاهر من السلوك . معنى الايمان عقيديا هو الايمان قلبيا بالله جل وعلا وحده ألاها لا شريك معه فى الالوهية ، ولم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . ولله جل وعلا وحده يوم القيامة الحكم على هذا الايمان القلبى وما يتبعه من عبادات. ولا شأن لنا بهذا.ومعنى الايمان سلوكيا هو(الأمن ) ، فالمؤمن سلوكيا هو المأمون الجانب ، الذى يأتمنه الناس لأنه لا يعتدى على أحد ، ولنا الحكم على هذا السلوك الظاهرى . وعلى النقيض من ذلك يأتى معنى الكفر والشرك ، فهما معا فى الاعتقاد بمعنى إتخاذ شريك مع الله فى الالوهية . وهذه ناحية يرجع الحكم فيها لله جل وعلا يوم القيامة
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,689,581 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الجزء الثانى من حوار احمد صبحى منصور مع جريدة الوقت
مقدمة كتاب لم ينشر عن المعارضة السعودية
دعوة للتبرع
أهلا بك: السلا م عليكم و رحمة الله تعالى و بركات ه ...
طلع البدر عليهم: هل صحيح تاريخ يا أن الأنص ار استقب لوا ...
نعم وبلا شك : هل يجوز ان اذكر الله جل وعلا وانا فى حالة تبول...
هذا كفر و .. زنا: هل يجوز معاشر ه رجل لامرا ه يحبها بملك...
فيلم هندى ..!!: اعذرن ي استاذ و لكنني اريد ان اعود مرة اخرى...
more
السلام عليكم
إن اصلاح مجتمع ولو جزئيا يفترض وجود أصلاحيين، ووجود اصلاحيين يفترض وجود مجتمع صالح ولو جزئيا. بشكل علمي: حالة (A) تفترض وجود حالة (B) وهذه بدورها تفترض وجود (A) فكيف ياترى تريدون حلاً لهذه المعضلة؟
هل النظام الحالي والذي اسقط الاخوان، أو بشكل آخر، هل سقوط الاخوان سيفتح الطريق أمام الاصلاحيين؟ تصوروا يا استاذ منصور أنكم بعد اشهر أو بعد سنة ذهبتم إلى القاهرة، وعلى فرض اختفاء الاخوان من الكرة الارضية، وفي ساحة التحرير أو في أحد الجوامع قلتم للناس بأن الشهادة هي لا إله إلا الله فقط. هل ياترى ستجدون من البشر من يضمن لكم سلامتكم؟
ياسيدي مشكلة شعوبنا تتلخص في ثلاثة أشياء: التعنت، المغالات واقصاء الآخر، وهذه خصل انسانية ليس لها علاقة بفكر الانسان ولا يكون وجودها مربوطا بجماعة أو حزب، وإنما هي نتاج البيئة التي تعيش فيها هذه الشعوب. لقد وصل الغرب بعد مئات من سنين الدم والاحتراب ألى قناعة (وليس بفضل ذكائة) بأن أحسن علاج لهذه الخصال هو أولاً وجود فصيلين على الاقل في الدولة يتصارعان على السلطة، ويتربص كل فصيل بالآخر، وثانيا الاتفاق على قواعد لللعبة السياسية.
لفد كان في مصر وحتى 30 يوليو فصيلان متنافسان وجدا بعد انتخابات حصلت لأول مرة في تاريخ مصر، والآن أقصي أحد الفصيلين بالقوة. وبغض النظر عن سوء أداء هذا الفصيل، فهل هذه قاعدة جديدة في اللعبة الديموقراطية؟